عقد الشركة | الأركان الموضوعية العامة والخاصة
لم يعرف قانون الشركات الجديد الشركة التجارية، غير أننا برجوعنا إلى قانون الإلتزامات والعقود نجده يعرفها في الفصل 982 بأنها: " عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها".
![]() |
| عقد الشركة | شرح مفصل للأركان الموضوعية العامة والخاصة. |
ويتضح من هذا التعريف أن الشركة عقد، أي تصرف قانوني إرادي يلزم لصحته كعقد، فضلا عن توفر الأركان الموضوعية العامة التي تقوم عليها سائر العقود، وهى الرضا، الأهلية، والمحل، والسبب وجود الأركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة، والمتمثلة في تعدد الشركاء ووجوب تقديم الحصص، وقيام نية المشاركة واقتسام الأرباح والخسائر.
ويضاف الى ذلك مجموعة من الأركان الشكلية التي يتطلبها القانون كشهرعقد الشركة واشتراط كتابة عقد الشركة.
ومتى توفرت كل هذه الأركان كان العقد صحيحا ونتجت عنه آثارا وبالأخص منها ميلاد كائن معنوي يتمتع باستقلال ذاتي له مصالحه الخاصة التي لا تتطابق دائما مع مصالح الشركاء، بل والتي قد تتعارض في بعض الأحيان مع مصالحهم.
فهذا الكائن المعنوي هو الشركة، وحيث تتخلف هذه الأركان عن بعضها، فإن عقد الشركة يلحقه البطلان غير أن أحكام هذا البطلان تختلف عن القواعد العامة لنظرية البطلان.
ويقتضي تفصيل ما تقدم أن نقسم هذا المقال الى قسمين حيث سنتطرق بداية الى الأركان العامة لعقد الشركة ثم بعدها للأركان الموضوعية الخاصة.
الأركان العامة لعقد الشركة
أولا- رضا الشركاء
والغلط الذي يجعل العقد قابلا للإبطال هو الذي ينصب على أمر جوهري بحيث لولاه لما كان الشريك قبل التعاقد.
وإذا لم يكن الغلط هو الباعث الدافع إلى التعاقد فلا يعتبر جوهريا ولا يؤثر بالتالي على صحة العقد، كالغلط في تقدير قيمة الحصص.
- ويشترط لذلك أن تكون الحيل من الجسامة بحيث لولاها لما أقدم الطرف الآخر على التعاقد، ويشترط أن يكون التدليس صادرا من أحد الشركاء على شريك آخر أو أن يكون مرتكب التدليس يعمل لحساب احدهم أو بالتواطؤ معه.
- أما إذا صدر من الغير، فإن حق التدليس عليه يقتصر أنذاك على طلب التعويض من المتسبب في ذلك مباشرة، ومن صور التدليس السابقة، نشر ميزانية كاذبة عن أعمال الشركة، وتقديم معلومات كاذبة عن سير المشروع.
ويجب أن يكون الرضا حقيقيا وليس صوريا بحيث يجب أن تتجه إرادة المتعاقدين حقيقة إلى تأسيس الشركة، أما إذا كان الرضا صوريا وهو ما يحصل كثيرا عندما يريد البعض التحايل على القانون بإنشاء شركة وهمية لا تتوفر حقيقة على العدد القانوني من الشركاء (خمسة شركاء مثلا بالنسبة لشركة المساهمة ( فيلجا إلى إشراك شركاء صوريين فيها، فإن الشركة تعتبر باطلة حينئذ.
ثانيا- أهلية الشركاء
- فبالنسبة للشركاء المتضامنين في شركات التضامن وشركات التوصية فيجب أن تتوفر فيهم الأهلية التجارية، لانهم يسألون مسؤولية تضامنية ومطلقة عن ديون الشركة، ويكتسبون صفة "تاجر" بدخولهم فيها بهذه الصفة.
- أما بالنسبة للشركاء الموصين في شركات التوصية، والشركاء في باقي أنواع الشركات فيكفي أن تتوفر فيهم أهلية القيام بالتصرفات القانونية لأنهم لا يكتسبون صفة التاجر بدخولهم فيها، ولا يسألون عن ديونها إلا في حدود حصتهم في رأس المال.
ولا يجوز القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني بعد أن يبرم عقد الشركة مع الغير، وإلا كان عقد الشركة قابلا للإبطال لمصلحته، غير أنه متى تم له الإذن المباشرة التجارة جاز له إبرام عقد الشركة، وفي حدود ما ادن له به وخاصة في شركات التوصية بالأسهم وفي شركات التوصية البسيطة، والشركاء في شركات المحاصة وذات المسؤولية المحدودة والشركات المدنية.
ثالثا- المحل
- ويجب أن يكون هذا المحل مشروعا وغير مخالف للنظام العام أو للآداب أو للقانون.
- كما يجب أن يكون معينا تعيينا كافيا لكي يكون صحيحا.
- وينبغي أن يكون ممكنا وغير مستحيل.
رابعا- السبب الحالة القطعة في البلدي
ويجب عدم الخلط بين السبب وبين محل الشركة الذي يتعلق بنوع النشاط الذي تزاوله، لذلك فعندما يتقرر بطلان الشركة لقيامها على استغلال دار للدعارة فذلك لعدم مشروعية المحل لا السبب.
الأركان الموضوعية الخاصة بالشركة
" عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو أعمالهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي ينشأ عنها".
وأضاف الفقه ركنا رابعا هو نية المشاركة وهو الركن الذى يميز عقد الشركة عن غيره من العقود المشابهة مثل القرض مع المساهمة في الأرباح وعقد الشغل الذي يقوم على إشراك الأجير في الأرباح.
أولا- تعدد الشركاء
إن تعدد الشركاء أمر ضروري تمليه فكرة الشركة التي تعنى الاشتراك والتعاون بين مجموعة من الأشخاص اتحدث مصالحهم لتنفيذ المشروع الاقتصادي الذي تكونت الشركة من أجله ، ومن تم يشترط لقيام الشركة أن تنعقد بين شخصين فأكثر، ما لم يتطلب القانون عددا أكبر كما جاء في شركة المساهمة، حيث تطلب فيها خمسة شركاء كحد أدنى.
فالقاعدة العامة إذن طبقا للفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود، هي تعدد الشركاء باعتبار أن المشاركة تفترض تعدد الذمم المالية المكونة للشركة، كما أن الشركة عقد ولا يتصور تعاقد الشخص مع نفسه لأنه في هذه الحالة سيكون أمام تصرف بإرادة منفردة وليس عقدا.
ولكن استثناء قد خرج المشرع عن قاعدة تعدد الشركاء بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة التي تتأسس طبقا للمادة 44 من قانون الشركات بالشخص الواحد أو الشريك الوحيد.
كما أنه في حالة انحلال الشركة وتجمع كافة الحصص أو الأسهم في يد شخص واحد، فإن كافة أصول الشركة وخصومها تنتقل إليه وتدخل في ذمته ويصبح هو المسؤول عن ديونها (الفصل 1061 من قانون الالتزامات والعقود).
إذا كان المبدأ العام يجيز تأسيس الشركات بين شخصين مادات دمتهما مستقلة، فإنه يجوز تأسيس الشركة بين زوجين مسلمين في التشريع المغربي، طالما أن الشريعة الإسلامية تحفظ لكل منهما شخصيته و ذمته المستقلة، خلافا لما هو عليه الأمر في التشريع الفرنسي وغيرها من التشريعات ذات الأصول المسيحية.
ثانيا- المساهمة في رأس المال- تقديم الحصص
يشترط أيضا لصحة تأسيس الشركة أن يقدم كل شريك حصة مالية تمثل مساهمته في رأس مال الشركة، باعتباره الضمان العام لدائنيها والذي يتكون من مجموع هذه الحصص، ويمكن أن تكون الحصة نقدية أو عينية ( منقولات مادية أو معنوية أو عقارات أو صناعية والتي تتمثل في عمل أو خدمات يقدمها الشريك للشركة (الفصل 988 ق.ل.ع).
ولا يلزم أن تكون حصص الشركاء متساوية ولكن يجب أن تقدر وتحدد بمبلغ من النقود، لأن تحديد الحصة في عقد تأسيس الشركة، يتوقف عليه معرفة نصيب كل واحد منهم من الأرباح والخسائر، وفى حالة عدم تحديدها يعتبر أن الشركاء قد قدموا حصصا متساوية وأن لهم حصصا متساوية ( الفصل 990 من ق.ل.ع).
ويتضح من خلال الفصلين 988 و 989 من ق.ل.ع، أن الحصص على أربعة أنواع، حصص نقدية وحصص عينية وحصص بالعمل كما يمكن أن تشكل الثقة التجارية حصة من راس مال الشركة خاصة من لدن الشريك المتضامن في شركة تضامن أو توصية، وسنتناول مختلف أشكال هذه الحصص وذلك كالتالي:
1 - الحصة النقدية
غالبا ما تكون الحصة التي يقدمها السريك عبارة عن مبلغ من النقود ويصبح الشريك مدينا بدفع هذا المبلغ في الموعد المتفق عليه في عقد التأسيس، وإذا لم يحدد في عقد الشركة أو في اتفاق لاحق ميعاد الوفاء بالمبلغ ( الحصة)، وجب على الشريك الوفاء به للشركة فور إبرام العقد، وقد يتم الوفاء بالحصة عن طريق دفعة واحدة أو على شكل دفعات متعددة وفي مراحل متفاوتة، وذلك حسب ما وقع الاتفاق عليه في العقد .
وإذا ماطل الشريك في تقديم حصته ساغ لباقي الشركاء أن يطلبوادراجه من الشركة، أو أن يلزموه بتنفيذ تعهده قضاء، وفي كلتا الحالتين يمكن مطالبته بالتعويض عما لحق الشركة من خسارة ( 996 من قل.ع).
أما إذا كانت الحصة التي قدمها الشريك حقا شخصيا كدين له في ذمة الغير، فإن التزامه قِبل الشركة لا ينقضي ولا تبرأ ذمته الا من وقت استيفاء الشركة لذلك الدين، مع بقائه ملزما بالتعويض عما يلحقها من خسارة عند تأخراستفاء ذلك الدين بسبب مطل المدين (الفصل 997 من قلع).
2 - الحصة العينية
قد تكون الحصة التي يقدمها الشريك شيئا آخر غير النقود، وتسمى بالحصة العينية وهي تشمل أموال من غير النقود، كالعقارات مثل قطعة أرض أو بناية أو مصنع، أو منقول مادي كالآلات والبضائع، أو منقولات معنوية كالأصل التجاري أو أحد العناصر المكونة له كبراءة الإختراع أو علامة تجارية إلخ.
وحيث يتعلق الأمر بحصة عينية فإنه ينبغي تقويم وتقدير قيمتها بحسب تاريخ تقديمها إلى الشركة، وإلا اعتبر أن الشركاء ارتضوا السعر الجاري لمثيلتها في السوق (991) من ق.ل.ع ).
وتأتي أهمية تقويم الحصة العينية في كونها تتعلق بها حقوق الأغيار خصوصا دائني الشركة التي تشكل موجداتها ضمانا عاما لديونهم ، وتختلف الإجراءات التي تتبع في تقويم قيمة الحصة باختلاف شكل الشركة وسنتعرض لذلك فيما بعد عند دراستنا لأنواع الشركات.
وتختلف الأحكام التي تخضع لها الحصة العينية بحسب ما إذا كان تقديمها على سبيل نقل ملكيتها إلى الشركة أو على سبيل الإنتفاع فقط، فإذا قدمت على سبيل التمليك فإن الحصة تنتقل نهائيا من ذمة الشريك لتضاف لأمة الشركة.
وتختلف إجراءات نقل الملكية حسب نوع الحصة، فإذا كانت الحصة عقارا محفظا وجب قيدها فى السجل العقارى حتى تنقل ملكيتها للشركة، وإذا كانت أصلا تجاريا أو حقوق ملكية صناعية وتجارية، لزم قيدها فى السجل التجاري مع ما يتطلب ذلك من إجراءات الشهر والقيد الخاصة به.
وإذا كانت منقولا ماديا وجب التسليم الفعلي، وحيث لا تحتاج الحصة إلى تعيين فإنه يكفي مجرد الإتفاق على كيفية الإنتقال وإلا تم تعيينه وإفرازه بما جرى عليه العرف والعادة.
ويلاحظ أنه في حالة اشتمال الأصل التجاري المقدم كحصة في الشركة على حق الكراء التجاري، فإنه يجب على مقدم تلك الحصة أن يحول حق الكراء إلى الشركة بصفة قانونية وإلا بقي مسؤولا تجاه المكري عن كل ما يتعلق بذلك الكراء.
أما إذا كانت الحصة على سبيل الإنتفاع ، فإنها تبقى في ملك صاحبها ولا يكون للشركة إلا حق الانتفاع، ويسوغ له أن يسترجعها بعد انقضاء الشركة، ولا يمكن للدائنين التنفيذ على هذه الحصة في حالة التصفية القضائية للشركة، غير أنه يتعين على صاحب الحصة المقدمة على وجه الانتفاع أن يمكن الشركة من الإنتفاع بالحصة المقدمة.
وإذا قدمت الحصة العينية على سبيل التمليك فإن الشريك يبقى ضامنا لها ضمان البائع تجاه المشتري، أما إذا قدمت على سبيل الإنتفاع فإنه يكون ضامنا لها ضمان المكري تجاه المكتري (الفصل 998 من ق ل، ع).
3- الحصة الصناعية
قد يتعهد الشريك بأن يقدم حصته في شكل عمل يؤديه للشركة مما يجعله ملتزما بأداء الخدمات التي تعهد بها (الفصل 988 من ق.ل.ع).
ويجب أن يكون العمل الذي تعهد الشريك بتأديته كحصة له دور وأهمية خاصة تعود على الشركة بمنافع إيجابية، كان يضع رهن إشارتها تجربته أو معارفه التقنية أو الخبرة الهندسية أو التجارية أو الحسابية.
وغيرها من الأعمال التي تعود على الشركة بفائدة مادية، وبناء عليه فالعمل التافه الذي لا يعود على الشركة بنفع ولا يساهم في نجاحها لا يعد بمثابة حصة ولا يعتبر مقدمه شريكا، كالعمل التبعي الماجور وإن كان صاحبه يحصل على الأرباح فإنه لا يعتبر شريكا ولكن مجرد أجبر يحصل على أجره في صورة جزء من الأرباح.
- وبناء على ذلك فإن العمل الذي يصح اعتباره حصة في رأس مال الشركة ويضفي صفة الشريك على مقدمه، هو العمل الذي يؤديه باستقلال تام عن الشركاء.
- أما إذا كان تابعا في عمله إلى باقي الشركاء بحيث يتلقى منهم التوجيهات ويخضع لرقابتهم كان مجرد أجير حتى ولو كان يحصل على نسبة من الأرباح.
- كما أنه لا يجوز أن تكون حصة العمل التي قدمها الشريك عبارة عن نفوذ سياسي أو اجتماعي، إذ يعتبر ذلك استغلالا للنفوذ على نحو غير مشروع في حين وكما تقدم يمكن أن تكون السمعة التجارية حصة في الشركة.
والشريك الذي يلتزم بأن يقدم حصته في الشركة، وجب عليه أن يكرس الشامله للقيام بما تعهد به، وينتهي التزام الشريك بانتهاء الشركة فيسترد حريته كما يشاء.
ولا يسوغ لهذا الشريك أن ينافس الشركة بقيامه بنفس الأعمال التي تعهد بتقديمها كحصة في الشركة لحسابه الخاص أو الحساب الغير.
وإن حدث ذلك كان لباقي الشركاء الخيار بين مطالبته بالتعويض، وبين أخذ تلك الأعمال والأرباح التي حققها مع إمكانية طلب الحكم بإخراجه من الشركة ( الفصل 1004 من ق، ل،ع)، من هنا فإن القانون الزمه بأن يقدم حسابا للشركة عن كل ما كسبه منذ إبرام العقد، أي منذ بدأ قيامه بالعمل لحسابها الفصل 999 من ق، ل، ع).
غير أن الحكم المشار إليه أعلاه ( الفصل 1004)، لا يسري على الشريك الذي تكون له قبل الدخول في الشركة مساهمات معروفة مماثلة في مشروعات أخرى، أو كان يقوم بعلم الشركاء الآخرين بعمليات مماثلة، ولم يشترط عليه هؤلاء في العقد وجوب توقفه عنها الفصل .)1005 من ق،ل،ع.
ومتى توقف الشريك عن أداء العمل نتيجة مرض عضال ألم به ولمدة طويلة أو لغيره من الأسباب، فإن حصته تنعدم، واعتبر متخلفا عن أداء حصته، ويترتب عن ذلك انقضاء الشركة بالنسبة إليه.
وعادة ما يتم تقويم وتقدير حصة الشريك بالعمل في عقد التأسيس، وعلى أساس هذا التقدير يتحدد نصيبه في الأرباح، وإن لم تقوم حصته حدد نصيبه في الأرباح بمدى المنفعة التي تعود للشركة من هذا العمل.
وبما أن الحصة الصناعية تعتبر التزاما معنويا، فهي لا تدخل في تكوين رأسمال الشركة، وبالتالي لا يمكن التنفيذ عليها، ولا يمكن أن تشكل الضمان العام لديون الدائنين، ومن تم لا يجوز تقديمها حصة في شركات المساهمة والمسؤولية المحدودة باعتبارها شركات أموال.
وكذلك الشريك الموصي لا يجوز له أن يقدم حصة من العمل في شركة التوصية لأن مسؤوليته عن ديون الشركة محددة بمقدار المبلغ الذي قدمه حصة فيها، والعمل له قيمة معنوية لا يمكن تقويمها بالنقود.
ثالثا- المشاركة في اقتسام الأرباح والخسائر
النشأة الشركة بشكل صحيح يلزم أن يكون الهدف من تأسيسها هو استغلال رأسمال الشركة في سبيل جني الربح وتوزيعه بين جميع الشركاء، ولقد جاء هذا الركن بشكل صريح في الفصل 982 من ق ل.ع".
تكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي ينشأ عنها غير أن هذا الفصل اقتصر على الإشارة إلى عنصر اقتسام الأرباح دون عنصر تحمل الخسائ، علما أن استغلال الشركة لا يؤدي دائما إلى تحقيق الربح بل قد يؤدي أيضا إلى الخسارة.
وقد تدارك المشرع هذه المسألة في الفصل 1033 من ق.ل.ع الذي نص فيه على أن:
" نصيب كل شريك من الأرباح والخسائر يكون بنسبة حصته في رأس المال".
وتحديد المقصود بالربح حسمت فيه محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها الشهيرة الصادر في 11 مارس 1914 حين عرفت الربح بأنه:
"كل كسب نقدي أو مادي يضاف إلى ثروة الشركاء".
وقد استقر غالبية الفقه والقضاء على هذا التحديد الأخير لمعنى الربح، فكل كسب ايجابي مادي يزيد من ثروات الشركاء بعد ربحا، ومن ثم إذا كان غرض المشاركة هو توفير النفقات أو تفادي الخسارة لم يعتبر ذلك ربحا لأنه لا يضيف شيئا إلى الذمة المالية كما أن التجمع القائم على ذلك لا يعتبر شركة وإنما جمعية.
ومن هنا فإن ركن اقتسام الأرباح هو الذي يميز الشركة عن الجمعية والتعاونية، فالشركة هي نظام نفعي يقوم على تحقيق الربح، بينما الجمعية أو التعاونية لا تستهدف الربح وإنما تسعى إلى تحقيق أغراض أخرى قد تكون اجتماعية، أدبية، فنية ورياضية وغيرها.
وتقسيم الأرباح والخسائر بين الشركاء يكون بحسب نسبة حصة كل واحد منهم في رأس مال الشركة، وإذا لم يحدد نصيب الشريك إلا في الأرباح، طبقت نفس النسبة على الخسائر والعكس بالعكس.
وفي حالة عدم تحديد هذه النسبة أو عند الشك فإنه يفترض أن أنصبة الشركاء متساوية ( الفصل 1033 من ق.ل.ع كما أن الشريك الذي تتكون حصته من النقود والعمل فإنه يكون له نصيب في الأرباح يتناسب مع ما قدمه من المال والعمل.
عموما فإن توزيع الأرباح والخسائر يخضع من حيث المبدأ لاتفاق الشركاء وإرادتهم التي تبقى مقيدة بعدم تضمين عقد الشركة شرطا يقضي بحرمان احد الشركاء من الأرباح أو إعفائه من الخسائر ( الفصل 1034 من ق.ل.ع)، ومثل هذا الشرط يسمى "بشرط الأسد".
ويؤدي إعمال شرط الأسد إلى إبطال الشركة نتيجة الإخلال بأحد أركانها وهو اقتسام الأرباح والخسائر، وبناء على الفصل 1035 من ق.ل.ع، فإنه إذا حدث وأن تضمن عقد الشركة شرطا يقضي بإعفاء أحد الشركاء أو بعضهم من الخسارة كان الشرط وحده باطلا.
أما إذا تعلق الشرط بالأرباح هنا يجب التمييز بين حالتين:
- الحالة الأولى: إذا كان الشرط يقضي باستثناء وحرمان أحد الشركاء من الربح، فإنه يكون باطلا ومبطلا للعقد لمسه بمبدأ المساواة الذي يقوم عليه عقد الشركة.
- الحالة الثانية: إذا كان الشرط يقضي بمنح الشريك كل الأرباح، كان عقد الشركة باطلا، لكن المشرع اعتبر العقد هنا متضمنا تبرعا من الشريك الذي تنازل عن نصيبه في الربح ( الفصل 1035 من ق.ل.ع).
وفي هذه الحالة الأخيرة نلاحظ أن المشرع المغربي عمل على تكييف العقد من عقد شركة إلى عقد تبرع وذلك استنادا إلى نظرية تحول العقد التي تقضي بأنه اذا توفر في العقد الباطل من الشروط ما يصح به عقد آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا العقد الآخر (الفصل 309 من ق.ل.ع).
كما أن المشرع المغربي نص على أن الشريك الذي يتضرر من وجود شرط من هذا النوع أن يرجع على الشركة في حدود ما لم يقبضه من نصيبه في الربح، أو ما دفعه رائدا على نصيبه في الخسارة ( الفصل 1034 من قانون الالتزامات والعقود.
رابعا- نية المشاركة
تعد نية المشاركة من بين الأركان الجوهرية اللازمة لانعقاد عقد الشركة بحيث يؤدي عدم توفرها إلى بطلان العقد لتخلف أحد أركانه الموضوعية.
والمقصود بنية المشاركة الرغبة الإرادية التي تدفع الشركاء إلى التعاون فيما بينهم تعاونا إيجابيا وعلى قدم المساواة لاستغلال أموالهم أو عملهم أو هما معا لتحقيق هدفهم المشترك الذي هو الربح.وتعد نية المشاركة ركنا ضمنيا في النظام الأساسي للشركة، وبالتالي لا يشترط وجود نية المشاركة فقط عند تأسيس الشركة بل ينبغي أن تستمر مع استمرار نشاط الشركة ووجودها.
كما أن نية المشاركة عنصر ذي طبيعة معنوية، تقتضي اتخاذ المظاهر الدالة على حصول التعاون الإيجابي وعلى قدم المساواة بين الشركاء بقصد تحقيق غرض الشركة كتقديم الحصص وتنظيم وإدارة الشركة، والإشراف عليها والرقابة على أعمالها وقبول المخاطر المشتركة التي قد تختلف بحسب المشروع الذي تقوم عليه، وهو ما يميز عقد الشركة عن بعض العقود الأخرى مثل:
- عقد العمل الذي يكون فيه العامل تابعا لرب العمل الذي يستطيع فصله متى شاء في حين أن الشركة تقوم على مبدأ تفرضه نية المشاركة الا وهو مبدأ المساواة في المراكز القانونية بحيث لا يكون بين الشركاء تابع و لا متبوع، فلا يعمل أحدهم لحساب الآخر وإنما يتعاون الجميع لاجل تحقيق الهدف المراد من إنشاء الشخص المعنوي الجديد الذي هو الشركة.
- حالة الشياع التي هي حالة اضطرارية لم يكن للملاك إرادة في ايجادها، وهي تنشأ في الغالب عن الإرث، ولا يمكن القول معه بوجود نية المشاركة التي تقتضي توجه إرادة الشركاء نحو التعاون المشترك ، كما أن الشياع ليس له شخصية معنوية و لا ذمة مالية مستقلة.
- عقد قرض مقابل نسبة من الأرباح هو كذلك لا يعتبر عقد شركة لأن المقرض لا يملك مراقبة أعمال المشروع خلافا لما تقتضيه نية المشاركة، هذا فضلا عن أنه لا يتحمل الخسائر.
وتظهر أهمية نية المشاركة في شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي مما يعزز إرادة التعاون بين الشركاء من أجل تحقيق موضوع الشركة، ولكنه أقل أهمية في شركات الأموال حيث يهتم المساهم بالقيام بتوظيف أمواله في الشركة ولا يهتم بالإدارة، ناهيك عن كون المساهمين قد يتغيروا دون أن يؤثر ذلك على وجود الشركة.
كما أن المساهم لا يتحمل بالخسائر إلا بنسبة ما يملك من أسهم الشركة. وبالنسبة الشركة الشخص الواحد فإن ركن نية المشاركة غير مشترط لعدم وجود الشركاء فيها.
