📁 آخر الأخبار

تمييز الحق في الكراء عن بعض النظم المشابهة له

الفرق بين الحق في الكراء  وبعض المفاهيم المشابهة له

إن مسألة عدم تعريف المشرع للحق في الكراء كعنصر من عناصر الأصل التجاري، يؤدي في أغلب الأحيان الى الخلط واللبس بينه وبين بعض النظم المشابهة له. 

تمييز الحق في الكراء عن بعض النظم المشابهة له
تمييز الحق في الكراء عن بعض النظم المشابهة له

وسنحاول من خلال هذا المقال استجلاء هذا اللبس من خلال رصد لبعض أوجه التشابه والاختلاف بينه وبين عقد الكراء، والأصل التجاري، ثم نحاول بعدها تمييزه عن حق الانتفاع، وهن حق الجلسة، ثم عن الخلو أو بيع المفتاح.

تمييز الحق في الكراء عن عقد الكراء

فبعد أن ميز المشرع المغربي ضمن الفصل 626 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، بين إجارة الأشياء وإجارة الأشخاص عن الخدمة أو العمل، انتقل في الفصل 627 ضمن نفس القانون الى تعريف عقد الكراء بأنه:

"عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة، يلتزم الطرف الآخر بدفعها له".

وبالتمعن في هذا النص يتضح لنا بأن عقد الكراء يتميز بمجموعة من الخصائص كما يلي:
  • عقد ملزم لطرفيه، المكري والمكتري ويفرض على كل منهما التزامات محددة،
  • عقد يرد على منفعة العين المكتراة عقارا كانت أو منقولا دون تملك رقبتها.

ووفقا للفصل 628 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، فعقد الكراء من بين العقود الرضائية، والتي يكفي لقيامها مجرد التراضي على الشيء المكترى والأجرة.

وباقي العناصر التي يعتبرها الأطراف أساسية دون ضرورة التقيد بأي إجراء شكلي فضلا على أن عقد الكراء من العقود الزمنية التي تستلزم الاتفاق على مدة معينة في حدود ما يقضي به القانون.

ونجد بان القانون 49.16 وخلافا للقواعد العامة اشترط شروطا خاصة لنشأة الحق في الكراء، بالإضافة الى استفادة المكتري من الحق في التجديد والتعويض عن فقدان الأصل التجاري، في الأحوال التي يقررها القانون السالف ذكره.

وعلاوة على الحق في التخلي عن الكراء، وقد حددت المادتين 3 و4 هذه الشروط كما يلي:
  • اشترطت أن يكون عقد الكراء صحيحا وثابتا بمقتضى محرر ثابت التاريخ.
  • أن ينصب الكراء على عقار وليس منقول، وأن يستغل بصفة مستمرة لمدة سنتين من طرف صانع أو تاجر أو حرفي.

وكما هو معلوم فإن قيام الحق في الكراء رهين بوجود عقد كراء صحيح، فكلما انعدم عقد الكراء انعدم معه الحق في الكراء، فالحق في الكراء ليس عقدا وإنما هو حق معنوي منقول، ويعتبر عنصرا من العناصر المكونة للأصل التجاري التي وردت بمقتضى المادة 80 من مدونة التجارة.

تمييز الحق في الكراء عن الأصل التجاري

يرجع تعبير "الأصل التجاري " الى ترجمة حرفية لكلمة من اللغة اللاتينية وتعني "التجميع"، وهذا المعنى ينسجم مع مدلول الأصل التجاري على المستوى الاصطلاحي، أي تجميع مجموعة من العناصر المادية والمعنوية واستغلالها تجاريا.

والمشرع المغربي فضل استعمال مصطلح الأصل التجاري بدل غيره من المصطلحات، لأنه أكثر وضوحا ودقة في المعنى، فاستعمال مصطلح "المحل"، قد يثير نوعا من الخلط في الأذهان وينصرف القصد الى المحل أي العقار الذي يمارس فيه النشاط التجاري بدل المعنى الصحيح والمقصود، خاصة وأن العقار مستبعد من مكونات الأصل التجاري.

وبرجوعنا الى المادتين 79 و80 من مدونة التجارة، يتضح لنا أن الأصل التجاري يشتمل على جميع الأموال المنقولة لممارسة نشاط أو عدة أنشطة تجارية في نفس الوقت.

وبذلك فالعقار لا يمكنه أن يكون عنصرا من عناصر الأصل التجاري، حتى ولو كان استثمار الأصل التجاري يتم في محل أو في عقار.

أما الحق في الكراء فيعد عنصرا معنويا من عناصر الأصل التجاري، بحيث يمكن للمكتري تفويته مع بقية عناصر الأصل التجاري أو مستقلا عنها دون ضرورة الحصول على موافقة المكري، بالرغم من كل شرط مخالف حسب ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون 49.16.

تمييز الحق في الكراء عن الحق الانتفاع

يعتبر حق الانتفاع من بين الحقوق العينية الأصلية حسب المادة 9 من مدونة الحقوق العينية، كما اعتبرت المادة 79 من نفس المدونة أن الانتفاع هو حق عيني يتمثل في التمتع بمنفعة عقار على ملك الغير. ويتميز حق الانتفاع عن حق المكتري في:

  • أن حق الانتفاع هو حق عيني.
  • أما حق المكتري فهو دائن للمكري بالانتفاع بالعين المؤجرة حيث يلزم المكري من تمكينه من ذلك، فيتوسط المؤجر بين المستأجر والعين المؤجرة.
  • المنتفع له حق عيني يقع مباشرة على الشيء المنتفع به، ولا يتوسط بينهما مالك الشيء.
  • كما أن بعض الفقه المغربي يميز حق الانتفاع عن الحق في الكراء، بطول المدة، إلا أن طول المدة لا يغير من طبيعة الكراء كما أن قصرها لا يؤثر على طبيعة الانتفاع.
ويمكن التمييز بينهما كذلك كما يلي:

 الفرق بين الحق في الكراء وحق الانتفاع من حيث المصدر

 سنميز بين كل منهما وفق ما يلي:

حق الانتفاعالحق في الكراء
- حق المنتفع يكون مصدره أي سبب من أساباب كسب الحقوق العينية ما عدا الميراث.
- حق الانتفاع ممكن بدون عوض.
حق الانتفاع يخول للمنتفع حقا مباشرا على الشيء المنتفع به، فلا يحتاج للوصول اليه وساطة المالك.
- حق المكتري مصدره دائما هو عقد الكراء وفق الشروط المنصوص عليها في القانون 49.16.
- حق الكراء لا يكون بدون عوض، بلإن الأجرة تعتبر من بين أركانه الأساسية.
- الحق في الكراء لا أثر له على ملكية العين المكتراة.

الفرق بين الحق في الكراء وحق الانتفاع من حيث الانقضاء

سيتم توضيح ذلك من خلال الجدول التالي:

حق الانتفاعالحق في الكراء
- حق الانتفاع ينتهي بموت المنتفع حسب المادة 79 من القانون رقم 39.08، (فيجب على المالك التشطيب على حق الانتفاع المسجل في الوكالة الخاصة للمحافظة العقارية).
- ينقضي حق الانتفاع بانقضاء الأجل المحدد له، فإن لم يعين له أجل اعتبر مقررا لحياة المنتفع.

- ينص الفصل 698 من قانون الالتزامات والعقود على أن عقد الكراء يستمر مع ورثة المكتري، وهذا ما يعرف بامتداد عقد الكراء من حيث الأشخاص.
- الحق في الكراء الذي يعتبر حقا معنويا، وليس جزءا من عناصر الأصل التجاري بمفهومه العامن فلا ينتهي بانتهاء مدته.

وبالتالي فالحق في الكراء يظل مستمرا مع عقد الكراء الذي لا ينتهي إلا بسلوك المساطر المنصوص عليها ضمن القانون 49.16.

تمييز الحق في الكراء عن حق الجلسة

وكعادة المشرع المغربي لم يعرف "الحق في الجلسة"، إلا أن الفقه كلف بهذه المهمة فعرفه الفقيه 'بول ديكرو بقوله: أن حق الجلسة يطلق عليه الحلاوة ويقع على العقارات المبنية المحبسة أو ملك الدولة ويهم المتاجر والمحلات المهنية أو الحمامات والأقران، أي المحلات ذات الاستعمال التجاري أو الحرفي.

ويقصد ب"الجلسة" تبقية واستمرار الكراء، والحلاوة أو الغبطة التي يدفعها مكتر جديد مقابل التخلي عن الكراء.

وحق الجلسة يقع على الأراضي المبنية والهدف منها تجاري، وهو من الحقوق العينية الأصلية وفق الفقرة الأخيرة من المادة 9 من مدونة الحقوق العينية المتعلقة بالحقوق العرفية المنشأة على وجه صحيح قبل دخول المدونة لحيز التنفيذ.

تمييز الحق في الكراء عن الخلو أو بيع المفتاح

يتخذ هذا الحق مصطلحات عدة ، فمنها ما هو عربي إسلامي أصيل كالخلو وبيع المفتاح، ومنها ما هو دخيل يشكل ترجمة للمصطلح الفرنسي(كحق الرجل، وحق العتبة، أو الخطوة الأولى نحو المحل).

وبيع المفتاح أو الخلو أو حق الخطوة الأولى نحو الدخل الى المحل، يعرف بالمبلغ المالي أو غيره الذي يدفعه المكتري الجديد إما الى مكتر سابق مقابل مغادرته للمحل أو العقار المعد للتجارة أو الصناعة أو الحرفة، وإما الى مالك العقار أو لمحل مقابل الحق في استخدامه لأول مرة في التجارة أو الحرفة أو الصناعة.

وهذه الممارسة تعد شائعة في المغرب وفرنسا من جهة، وكانت شرعية من جهة أخرى نظرا لعدم وجود نص قانوني يمنعها، علاوة على أنها مجرد تفويت للحق في الكراء الذي ليس سوى عنصر معنوي من عناصر الأصل التجاري قابل للتفويت، غما مع الأصل أو إفراديا دون الأصل، وكل شرط مخالف يعد كأن لم يكن.

بحيث حل المصطلح الشعبي "بيع المفتاح" محل المصطلح القانوني "تفويت أو بيع الحق في الكراء " منظورا له من طرف المكتري، كما أنه لم تحظى عملية بيع المفتاح أو الساروت ولفترات طوال بتنظيم قانوني خاص.

بل كانت تستمد سندها من الواقع الذي تمارس فيه بشكل كبير، إلا أن المشرع المغربي من خلال القانون 49.16 قنن هذه الممارسة وجعل لها نصا فريدا ضمن مقتضياته، ويتعلق الأمر بالفقرة الثانية من المادة 4 منه، دون تحديد للقواعد التي تحكم بها هذه العملية.

تعليقات