📁 آخر الأخبار

كل ما يجب معرفته عن الملكية الشائعة في القانون المغربي

الملكية الشائعة | شرح قانوني مبسط مع أمثلة عملية

الأصل أن يكون المِلك فرديا يستأثر به شخص واحد، لكن قد تفرض الضرورة في حالات معينة اشتراك عدة أشخاص في ملكية شيء واحد.

الملكية الشائعة
الملكية الشائعة.

ومعلوم أن الشركة في الملكية على نوعين:

الملكية الشائعة: وهي نوع من الملكية يكون معها الشيء مملوكا لشخصين أو أكثر يثبت لكل واحد منهم حصة معينة القدر (مثلا النصف أو الثلث أو الربع) في كل الملك وذلك دون أن يكون هذا النصيب قابلا للتموضع والإفرار.

وقد عالج قانون الالتزامات والعقود أحكام الملكية الشائعة حيث خصص الفصول من 960 إلى 981 لمقتضيات الشياع، في حين خصص الفصول 1083 إلى 1091 لإنهاء الشيوع عن طريق القسمة.

وملكية مشتركة للشقق:  يكون معها العقار الواحد مقسما إلى شقق، كل شقة مملوكة لصاحبها ملكية مفرزة، في حين تكون الأرض التي أقيم عليها البناء والأجزاء القابلة للاستعمال المشترك مالكا شائعا بين كل ملاك الشقق، وسوف نتعرض بتفصيل لهذا النوع في هذا المقال.

مصدر الشيوع

جاء في الفصل 960 من ق.ل.ع:

" إذا كان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالاشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة، وهي إما اختيارية أو اضطرارية".

يتبين من ذلك أن للشيوع مصدران:

  • المصدر الأول: إرادة الانسان أي التصرف القانوني كالعقد، من ذلك مثلا أن يشتري شخصان أو أكثر أرضا على الشيوع أو يوصي شخص لاثنين أو أكثر بعقار على الشياع.
  • المصدر الثاني: إرادة المشرع، مثال ذلك الشيوع المترتب عن الإرث أو الحيازة.

حقوق المشتاعين

لكل مالك على الشياع أن يستعمل الشيء المشاع بنسبة حصته فيه، شرطية أن لا يستعمله استعمالا يتنافى مع طبيعته أو مع الغرض الذي أعد له، وأن لا يستعمله استعمالا يتعارض مع مصلحة بقية المالكين أو على وجه يترتب عليه حرمانهم من أن يستعملوه بدورهم وفقا لما تقتضيه حقوقهم الفصل 962 من قانون الالتزامات والعقود.

لا يجوز لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديدا على الشيء المشاع بدون رضى الباقين، وإلا تطبق القواعد الآتية:

  1. إذا كان الشيء قابلا للقسمة جرت قسمته، فإن آل الجزء الذي وقع فيه التجديد إلى من أجراء لم يكن هناك مجال لرجوع أحد على الآخر. أما إذا آل إلى غيره كان لهذا الغير الخيار بين أمرين : دفع قيمة التجديدات أو إلزام من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها.
  2. أما إذا كان الشيء غير قابل للقسمة حق لباقي المالكين على الشياع أن يجبروا من أقام التجديدات بإرجاع الأشياء إلى حالها على نفقته. وذلك مع التعويض عند الاقتضاء (الفصل 963 من ق.ل.ع).
  3. إذا كان الشيء غير قابل للقسمة بطبيعته كملكية حمام أو سفينة لم يثبت لأي واحد من المالكين إلا الحق في أخذ غلته بحسب نصيبه، حيث يتعين إكراء هذا الشيء الحساب المالكين جميعهم ولو عارض فيه أحدهم الفصل 963 من قانون الالتزامات والعقود.

ويحق للمالكين على الشياع أن يتراضوا فيما بينهم على التناوب في الانتفاع بالشيء أو الحق المشترك، وعندئذ يحق لكل واحد منهم أن يتصرف على سبيل التبرع أو المعاوضة في حقه في الانتفاع بالشيء في حدود مدته وفقا للفصل 966  من قلع.

كما يسوغ لكل مالك على الشياع أن يلزم باقي الملاك على المساهمة معه كل يحسب نصيبه في تحمل المصروفات الضرورية لحفظ وصيانة الشيء المشاع (الفصل 968 من ق.ل.ع).

إن قرارات أغلبية المالكين على الشياع تلزم الأقلية فيما يتعلق بإدارة المال الشائع والانتفاع به، وذلك بشرط أن تمثل هذه الأغلبية ثلاثة أرباع هذا المال.

فإذا لم تصل الأغلبية إلى هذا النصاب جاز للمالكين طرق باب القضاء ليقرر ما يراه مناسبا لمصلحتهم جميعا، ويمكنه أن يعين مديرا لإدارة المال الشائع أو أن يأمر بقسمته الفصل 971  من قانون الالتزامات والعقود.

غير أن قرارات الأغلبية لا تلزم الأقلية في المسائل الآتية :

  1. فيما يتعلق بأعمال التصرف وحتى أعمال الإدارة التي تمس مباشرة الملكية.
  2. فيما يتعلق بإجراء تغيير في الاشتراك أو في الشيء المشاع نفسه.
  3. في حالة التعاقد على إنشاء التزامات جديدة (الفصل 972 من ق.ل.ع).

كما يحق لكل مالك على الشياع أن يستعمل حق الشفعة، وذلك لتملك الحصة الشائعة التي باعها أحد الشركاء للغير في مقابل أن يدفع للمشتري ثمن مصروفات العقد والمصروفات الضرورية والنافعة التي أنفقها منذ البيع.

حيث جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 292 من مدونة الحقوق العينية :

"الشفعة أخذ شريك في ملك مشاع حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء".

يشترط لصحة طلب الشفعة:

  •  أن يكون طالبها شريكا في الملك المشاع وقت بيع حصة شريكه في العقار أو الحق العيني.
  •  أن يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا على تاريخ تملك المشفوع من يده نصة محل الشفعة.
  • أن يكون حائزا لحصته في الملك المشاع حيازة قانونية أو فعلية.
  • أن يكون المشفوع منه قد تملك الحصة المبيعة بعوض (المادة 293 من مدونة الحقوق العينية).

ويتعين مباشرة حق الشفعة خلال أجالها القانونية، فبالنسبة مثلا الشفعة الحصة الشائعة في المنقول يلزم مباشرة هذا الحق خلال سنة من تاريخ علم الشريك بتصرف شريكه في الحصة الشائعة وذلك تحت طائلة سقوط حق الشفعة.(الفصل 976 من ق.ل.ع)

أما بخصوص أجال ممارسة حق الشفعة في مجال الأملاك المحفظة أو في طور التحفيظ فقد جاء في المادة 304 من م.ح.ع :

"يمكن للمشتري بعد تقييد حقوقه في الرسم العقاري أو إبداعها في مطلب التحفيظ أن يبلغ سنة من عقد شرائه إلى من له حق الشفعة.

ولا يصح التبليغ إلا إذا توصل به شخصيا من له الحق فيها، ويسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه خلال أجل ثلاثين يوما كاملة من تاريخ التوصل.

ويتعين أن يتضمن التبليغ تحت طائلة البطلان بيانا عن هوية كل من البائع والمشتري، مع بيان عن الحصة المبيعة وثمنها والمصروفات ورقم الرسم العقاري أو مطلب التحفيظ أو مراجع عقد التفويت، فإن لم يقع هذا التبليغ فإن حق الشفعة يسقط في جميع الأحوال بمضي سنة كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا أو الإيداع إذا كان العقار في طور التحفيظ(...).

وبالنسبة لأجال ممارسة الشفعة في ميدان العقارات غير المحفظة استطرد نفس الفصل قائلا : .... ويمضي سنة على العلم بالبيع إن كان العقار غير محفظ. وإذا ما لم يتحقق العلم بالبيع فيمضي أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد).

ومعلوم أن الغاية التي توخاها المشرع من وراء إقرار حق الشفعة هي تمكين الشركاء من منع تملك شخص غريب عنهم حصة أحدهم مخافة أن يكون هذا الشخص غير مرغوب فيه، وأن يسبب تملكه منازعات وخلافات بين الملاك على الشياع.

أضف إلى ذلك أن الشفعة تفضي إلى إنهاء حالة الشيوع وما يرافقها من مشاكل في إدارة واستثمار الشيء المشاع.

واجبات المشتاعين

يتحمل كل من الملاك على الشياع بعدة التزامات أهمها:

  1. المحافظة على الشيء المشاع بنفس العناية التي يبذلها في المحافظة على الأشياء الخاصة به، وهو مسؤول عن الأضرار الناتجة عن انتفاء هذه العناية .(الفصل 967 من ق.ل.ع).
  2. تحمل النفقات اللازمة لحفظ الشيء المشاع وصيانة ليبقى صالحا للاستعمال في الغرض الذي أعد له وذلك بحسب نصيبه في الشيوع (الفصل 968 من ق.ل.ع).
  3. المساهمة في النفقات المتطلبة لإدارة الشيء المشاع واستغلاله وذلك بالنظر لحصته في الشيوع الفصل 969 من ق.ل.ع).

انقضاء الشيوع

جاء في الفصل 977 من ق.ل.ع أن  الشياع أو شبه الشركة ينتهي ب:

  • أولا : بالهلاك الكلي للشيء المشاع.
  • ثانيا : ببيع المالكين حصصهم لأحدهم أو بتخليهم له عنها.
  • ثالثا : بالقسمة.

يتبين من هذا بأن حالة الشيوع حالة طارئة وعرضية لا تلبث أن تزول بثلاثة طرق وهي:

1- هلاك الشيء المشاع هلاكا كليا من ذلك مثلا أن يكون محل الشيوع حق سطحية متكون من بنايات الهدمت.

2- جمع الحصص في يد شخص واحد بسبب من أسباب كسب الملكية كالبيع أو الوصية أو الهبة.

3- القسمة وهي أهم طرق انقطاع الشيوع بمقتضاها تعين الحصص الشائعة وتفرز بعضها عن بعض بمقياس كالوزن والكيل جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 27 من م.ح.ع : لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، ويسوع لكل شريك أن يطلب القسمة، وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر.

ويجوز للشركاء أن يتفقوا كتابة على البقاء في الشياع لمدة معينة، ولا ينفذ هذا الاتفاق في حق الشريك أو من يخلفه إلا في حدود المدة المذكورة.

وللمحكمة أن تحكم  بناء على طلب أحد الشركاء بفسخ الاتفاق وإجراء قسمة حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها إن كان لذلك مبرر مشروع، ومن الممكن تصنيف القسمة إلى عدة تصنيفات منها ما سيتم بيانه مما يلي.

القسمة الرضائية والقسمة القضائية

- القسمة الرضائية: وتتم بتراضي الشركاء حيث يتعين إثبات هذا التراضي في عقد كتابي رسمي أو عرفي.

- القسمة القضائية: وتتم بواسطة القضاء في الحالات الآتية:

  1. الحالة الأولى: إذا استعصى اتفاق الشركاء على إجراء القسمة الرضائية حيث جاء في المادة 26 من نفس المدونة أنه "إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة كان لمن يريد منهم الخروج من الشياع أن يلجأ إلى المحكمة التي تجري القسمة فيما بينهم طبقا للقانون".
  2. الحالة الثانية: إذا كان بين الشركاء من لا يتوفر على أهلية التصرف كالقاصر.
  3. الحالة الثالثة: إذا كان أحد الشركاء غائبا.

القسمة العينية وقسمة التصفية

- القسمة العينية: هي التي تؤدي إلى تقسيم الشيء إلى عدة أقسام مفرزة بعضها عن بعض تتفق مع حصص الشركاء الذين ينفرد كل واحد منهم بقسم يتناسب مع حصنه.

- قسمة التصفية وتجري عن طريق بيع الشيء المشترك وتوزيع ثمنه على الشركاء كل حسب حصته.

القسمة النهائية وقسمة المهايأة

- القسمة النهائية: وتقع على الملكية أو على جوهر الحق العيني (مثلا حق السطحية ) فتقضي نهائيا على الشيوع بين المتقاسمين حيث يستعيض كل واحد منهم عن حصته الشائعة في الملكية أو الحق العيني بملكية مفرزة أو بحق عيني مفرز.

- قسمة المهاياة: وهي قسمة تقع على منفعة واستغلال الشيء المشترك ولا تفضي إلى إزالة الشياع، وهي إما مهايأة مكانية بموجبها يستقل كل شريك باستغلال مكان أو جزء معين من الملك المشاع، وإما مهاياة زمانية حيث يتناوب الشركاء على الانتفاع بكل المال المشترك كل واحد منهم مدة تتناسب مع حصته.

آثار القسمة

تؤدي القسمة إلى إنهاء حالة الشيوع بين المالكين، حيث يحصل كل شريك على نصيبه المفرز بشكل مستقل.

ويسمح ذلك لكل طرف بالتصرف في حصته دون الرجوع إلى باقي الشركاء، مما يحقق وضوحاً أكبر في الملكية ويقلل من احتمالات النزاع.

كما تنشئ القسمة حدوداً جديدة بين الأملاك، سواء كانت قسمة رضائية أو قضائية، ويتم تحديد هذه الحدود بدقة اعتماداً على الخبرة العقارية أو المعالم الثابتة، لضمان عدم التعدي أو التشابك بين حقوق المالكين بعد القسمة.

وتترتب عن القسمة آثار مالية وإدارية مهمة، أبرزها استخلاص الرسوم العقارية وتحيين السجلات لدى المحافظة العقارية كما يسهم هذا التحيين في تثبيت الوضع القانوني الجديد، ويمنح لكل مالك وثائقه الخاصة التي تثبت ملكيته المنفصلة.

وبمعنى آخر فإن القسمة  تفضي إلى إفراز حصة كل شريك وإزالة الشيوع، حيث يعتبر كل شريك مالكا لحصته منذ حصول الشيوع، فهي إذن كاشفة ومعلنة للحق وليست منشأة له.

والى هنا يمكن القول أن الملكية الشائعة تُبيّن أهميتها داخل المنظومة القانونية المغربية باعتبارها إطاراً ينظم تملك أكثر من شخص لمال واحد وفق قواعد واضحة، ويساعد الإلمام بضوابطها وآليات إدارتها في ضمان استعمال منصف وحماية حقوق جميع الشركاء.

ومن ثَمّ يأتي فهمها كخطوة ضرورية لتفادي الخلافات وتحقيق تسيير سليم للملكية المشتركة.

تعليقات