📁 آخر الأخبار

أنواع الأعمال التجارية | الاعمال التجارية بالتبعية

الأعمال التجارية بالتبعية | شرح مبسط

يمثّل التمييز بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية أساسًا جوهريًا لفهم القواعد المنظمة للمعاملات القانونية.

ومن بين المفاهيم التي تُثير بعض الالتباس لدى الكثيرين، نجد "الأعمال التجارية بالتبعية"،  فهذا النوع من الأعمال لا يكون تجاريًا بطبيعته، لكنه يكتسب الصفة التجارية بسبب ارتباطه بنشاط تاجر وبمناسبة مزاولته لتجارته، بمعنى آخر، قد يتحول عمل مدني في الأصل إلى عمل تجاري إذا قام به تاجر وكان متعلقًا بتجارته.

أنواع الأعمال التجارية | الاعمال التجارية بالتبعية
أنواع الأعمال التجارية- الاعمال التجارية التبعية.

بالإضافة إلى الأعمال التجارية الأصلية التي تُعتبر تجارية بذاتها بحكم القانون، توجد أشكال أخرى من الأعمال تُعد تجارية بالتبعية عندما يصدرها تاجر وترتبط بنشاطه التجاري.

هي أعمال مدنية بطبيعتها في الأصل، لكنها تفقد طابعها المدني وتكتسب الصفة التجارية بسبب صدورها عن تاجر لتلبية احتياجات نشاطه التجاري.

وبناءً عليه، سنعمل على توضيح الأسس المنطقية والقانونية التي تقوم عليها نظرية الأعمال التجارية بالتبعية، قبل الانتقال إلى مناقشة شروط تطبيقها والقيود التي تحكم هذا التطبيق، على أن نختم ببيان النطاق العملي الذي يشمله هذا المفهوم في الواقع العملي.

الأساس المنطقي القانوني لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية

تستند نظرية الأعمال التجارية بالتبعية إلى أساس منطقي وعملي:

  • يفرض المنطق إضفاء الصبغة التجارية على كل الأعمال المرتبطة بنشاط التاجر واللازمة لممارسته، إذ لا يمكن اعتبار هذه الأعمال منفصلة عن نشاطه التجاري.
  • كما أنه ليس من المنطقي أن تخضع أعمال متعددة، صادرة عن نفس الشخص (التاجر) ومرتبطة جميعها بنفس النشاط، لأحكام قانونية مختلفة، بحيث يطبق على بعضها القانون التجاري، وعلى البعض الآخر القانون المدني، مما قد يؤدي إلى تناقض في التنظيم القانوني وغياب الانسجام في المعالج.

 فلو أن التاجر أقدم على شراء سيارة يستعملها لنقل البضائع فإن هذا العمل يعتبر مدنيا لكونه لا يدخل في صنف الأعمال التجارية بطبيعتها، غير أنه، وبما أن هذه الأعمال تصدر عن التاجر لخدمة نشاطه التجاري، فإن المنطق يفرض إخضاعها لنفس النظام القانوني الذي يحكم النشاط التجاري الأصلي، حيث يطبق المبدأ القانوني القائل بأن الفرع يتبع الأصل.

ومن جهة أخرى، تستند الأعمال التجارية بالتبعية إلى أساس قانوني، حيث نص المشرع المغربي صراحة في المادة 10 من مدونة التجارة على ما يلي:

تُعد أيضًا من الأعمال التجارية، كل الوقائع والتصرفات التي ينجزها التاجر في إطار ممارسته لنشاطه التجاري، ما لم يُثبت العكس.

ولعل الصبغة التي جاءت بها المادة تجعل كافة أعمال التاجر التي يجريها لحاجات تجارته تخضع لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية حتى لو أجراها اجرها مع طرف آخر غير تاجر، كما هو الحال عندما يعمد التاجر إلى استئجار محل تعود ملكيته لشخص لا يكتسب صفة التاجر، وذلك بهدف استغلاله في ممارسة نشاطه التجاري.

شروط ونطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية

لا يُعد العمل المدني تجارياً بالتبعية إلا إذا توافر شرطان أساسيان: أن يصدر العمل عن تاجر، وأن يكون مرتبطًا بنشاطه التجاري. ويشمل هذا النشاط مختلف التصرفات والأعمال التي ينجزها التاجر، سواء كانت تعاقدية أو غير تعاقدية، وهو ما سنفصله في الفقرتين التاليتين:

1- شروط اكتساب العمل المدني للصفة التجارية بالتبعية

يتبين من منطوق المادة 10 من مدونة التجارة أن سريان نظرية الأعمال التجارية بالتبعية رهين بتوافر شرطين جوهريين، أولهما أن يكون العمل صادراً عن شخص يكتسب صفة التاجر، وثانيهما أن يرتبط هذا العمل ارتباطاً مباشراً بنشاطه التجاري.

أولا- صدور العمل عن تاجر

تقوم القاعدة الأساسية في اعتبار العمل المدني تجارياً بالتبعية على صدوره من تاجر، سواء:

  1.  أكان شخصاً طبيعياً.
  2. أو معنويًا كشركة تجارية.

 وبالتالي لا يمكن إضفاء الصفة التجارية على الأعمال المدنية إذا قام بها شخص لا يكتسب صفة التاجر، أو إذا قام بها من فقد هذه الصفة، كأن يكون قد اعتزل ممارسة التجارة.

على العكس من ذلك، يمكن أن تتحول الأعمال التجارية إلى أعمال مدنية بالتبعية إذا قام بها غير تاجر لخدمة نشاطه المدني الأصلي، فمثلاً عندما يشتري الطبيب الأدوية لاستخدامها في علاج مرضاه، فإن عملية الشراء هذه تفقد صفتها التجارية وتصبح عملاً مدنيًا تابعًا لنشاط الطبيب الذي يحمل طابعًا مدنيًا.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن اكتساب الأعمال المدنية الصفة التجارية يستند إلى معيار شخصي صرف أي لمجرد صدوره عن شخص التاجر دون اعتبار لنية القائم به أي بصرف النظر عما اذا كان التاجر يرمي من ورائه إلى تحقيق الربح أم لا، فهي أعمال تجارية بالتبعية بصفة شخصية وليست موضوعية تقوم على تحقق عنصر المضاربة في العمل.

ثانيا- ارتباط العمل بالنشاط التجاري للتاجر

لم يقتصر المشرع على اشتراط صدور العمل التجاري التابع عن شخص يكتسب صفة التاجر، بل اشترط أيضًا أن يكون هذا العمل مرتبطًا بنشاطه التجاري، أي أن يتم بمناسبة مزاولته لمهنته التجارية.

 أما اذا كان العمل المدني الصادر عن التاجر غير مرتبط بتجارته كأن يكون ذا صلة بحياته الشخصية مثل شراء أثاث لمنزله أو شراء سيارة لاستعماله الشخصي، فيبقى محتفظًا بطابعه الأساسي، ولا يمكن تطبيق مبدأ العمل التجاري بالتبعية عليه.

هذا وبالرجوع إلى نص المادة 10 من مدونة التجارة نجدها أقامت قرينة على كون العمل المدني الصادر من تاجر يعتبر مرتبطا بتجارته، وهي قرينة بسيطة تقبل الإثبات العكس باستعمال جميع وسائل الإثبات.

وبالتالي، فإنه يحق للتاجر إثبات أن العمل المدني المعني لم يبرم في سياق مزاولته لنشاطه التجاري، وإنما يندرج ضمن معاملاته ذات الطابع المدني.

 كما يحق لأي طرف ذي مصلحة أن يُدحض هذه القرينة، وذلك استنادًا إلى مقتضيات المادة 10 التي نصت صراحة على عبارة: "ما لم يثبت خلاف ذلك".

2- نطاق تطبيق التبعية التجارية

عند الرجوع إلى المادة 10 من مدونة التجارة، نجد أنها تُضفي الصفة التجارية بالتبعية على الوقائع والأعمال التي يباشرها التاجر بمناسبة مزاولته لنشاطه التجاري، مما يفيد أن كافة الالتزامات المترتبة عن التصرفات والأعمال الصادرة عن التاجر لأغراض تتعلق بتجارته تُعد تجارية بالتبعية سواء كانت:
  • تتحول بعض الالتزامات ذات الطبيعة المدنية إلى أعمال تجارية بالتبعية، متى ارتبطت بنشاط التاجر وارتكزت على خدمته ودعم أغراض تجارته، كما هو الحال بالنسبة للعقود المدنية التي يبرمها التاجر في إطار مزاولته لنشاطه التجاري، كعقود الكراء أو النقل أو التأمين المرتبطة بالمحل التجاري، إذ تكتسب هذه الالتزامات طابعًا تجاريًا بالتبعية، رغم أن أصلها مدني.
  • نفس الأمر كذلك ينطبق على الالتزامات غير التعاقدية التي تنتج عن أفعال التاجر أثناء ممارسته لنشاطه التجاري، مثل ارتكابه فعلاً غير مشروع يلحق ضرر بالغير، حيث يُعتبر التزامه بتعويض هذا الضرر عملاً تجاريًا بالتبعية ويخضع لأحكام القانون التجاري.
غير أنه استثنى من ذلك بعض الالتزامات القانونية التي بالنظر إلى طبيعتها تخضع لقواعد قانونية خاصة ذات طبيعة نظامية يستعصى معها تطبيق نظرية التبعية بشأنها مثل الديون الضريبية المترتبة في ذمة التاجر والمتعلقة بتجارته.
تعليقات