مقارنة شاملة بين الحق العيني والحق الشخصي مع توضيح الفروقات
يمكن تعريف الحق بأنه مصلحة مادية أو معنوية لفائدة شخص معين، يكون له أن يمارس سائر السلطات على حقه في إطار مشروع ومطابق للقانون السائد في البلد، ولذلك فإن الحق يفترض دوما وجود مركز ممتاز لصاحبه الذي بدوره يستأثر بمزاياه.
![]() |
| مقارنة شاملة بين الحق العيني والحق الشخصي مع توضيح الفروقات. |
فالمالك يستأثر بمزايا ملكيته والحقوق تقتضي وجود الأفراد في مراكز متفاوتة بعضهم قبل البعض، من ثم ينفرد صاحب الحق بمركز ممتاز على من سواه مما يخوله سلطة على الشيء أو اقتضاء حقه من الغير.
الحق العيني والحق الشخصي
1- مفهوم الحق العيني
هو سلطة مباشرة يقرها القانون لشخص معين على شيء معين بحيث توجد صلة مباشرة بين الشيء محل الحق وصاحب الحق، فهذه الصلة المباشرة تقتضيها طبيعة الشيء، فمادام موضوع الحق أو محله هو شيء لا إرادة له فهو بالتالي يخضع لإرادة الأفراد وسلطتهم دون اختيار.
لذلك فإن الحق العيني يفترض وجود رابطة تسلط، كما جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 8 من مدونة الحقوق العينية بأن الحق العيني العقاري يعتبر سلطة مباشرة لشخص معين على عقار معين مخولة بمقتضى القانون.
2- مفهوم الحق الشخصي
هذا الحق يستلزم وجود علاقة قانونية بين شخصين محددين، يكون أحدهما دائن والآخر مدين، حيث يحق للدائن إلزام المدين بتنفيذ الالتزام المستحق عليه، فهذا النوع من الحقوق يسمى بحق الدائنية أو الحق الشخصي.
ومن ثم يمكن القول بأن الالتزام والحق الشخصي هما وجهان متقابلان لرابطة قانونية واحدة كما يلي:
- فاصطلاح الحق الشخصي ينظر إليه من ناحية الدائن.
- واصطلاح الالتزام ينظر إليه من زاوية المدين.
من ثم ظهرت نظرية الالتزامات التي تشكل محور الدراسات القانونية.
ونشير هنا إلى أن التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي متجدرة أصلا من القانون الروماني. وقد ظلت محترمة رغم المحاولات التي بدلها بعض الفقهاء للنيل منها، بحيث إن هذه التفرقة ما زالت قائمة وذلك نظرا لما بين الحقين من فروق جوهرية.
معيار التمييز بين الحق العيني والحق الشخصي
يترتب عن مسألة لتمييز بين كل من الحق العيني والحق الشخصي آثار مهمة منها كما هو موضح في الجدول التالي:
| الحق العيني | الحق الشخصي |
|---|---|
| - حق مطلق يمكن الاحتجاج به أمام الكافة. | - هو حق نسبي لا يتعدى طرفيه. |
- لا يرد هذا الحق إلا على شيء معين بالذات إما أن يكون عقارا أو منقولا. | - يتجسد هذا الحق في وجوب أداء إما مبلغ محدد من المال، أو تنفيذ عمل معين، أو الامتناع عنالقيام بهذا العمل. |
| - وردت على سبيل الحصر بحيث لا يسوغ أن تبتدع منها حقوق أخرى. جاء بهذا الخصوص ضمن المادة 11 من مدونة الحقوق العينية: (لا يجوز إنشاء أي حق عيني آخر إلا بالقانون). | - هي حقوق حصر لها، بحيث أنه يمكن للأشخاص أن ينشؤوا فيما بينهم روابط التزامات متعددة. |
| - الحق العيني يخول صاحبه ميزتي التتبع والأفضلية، لذلك يكون للمالك حق تتبع الشيء المملوك له إذا خرج من يده، ويكون للدائن حق الأفضلية على الشيء المقدم له على سبيل الرهن. | - الحق الشخصي فهو لا يخول لصاحبه حق التتبع لأنه لا يرد على شيء بذاته ولكن يرد على التزام شخص هو المدين، كما أنه لا يخول لصاحبه حق الأفضلية. |
كان هذا فيما يخص معيار التمييز بين الحقوق العينية والحقوق الشخصية،وفي التالي سنوضح للفرق بين كل من الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية.
الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية
تنقسم الحقوق العينية إلى قسمين رئيسيين:
- الحقوق العينية الأصلية.
- والحقوق العينية التبعية (المادة 8 من مدونة الحقوق العينية).
فالحقوق العينية الأصلية هي حقوق تقوم بذاتها من غير حاجة إلى اي حق آخر تستند إليه، وقد حصرها المشرع فيما يلي :
| الحقوق العينية الأصلية | حق المكية، حق الارتفاق والتحملات العقارية، حق الانتفاع، حق العمرى، حق الاستعمال، حق السطحية، حق الكراء الطويل الأمد، حق الحبس، حق الزينة، حق الهواء والتعلية، بالإضافة الى الحقوق العرفية التي تم إنشاؤها بوجه صحيح قبل أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ. |
|---|
أما الحقوق العينية التبعية فهي حقوق لا تقوم بذاتها، وإنما تستند في قيامها على وجود حقوق شخصية (أي حقوق دائنية) تكون ضمانا للوفاء بها.
والمشرع المغربي حدد الحقوق العينية التبعية في ما يلي:
- الامتيازات.
- الرهن الحيازي.
- الرهوم الرسمية.
الأشياء موضوع الحقوق العينية لأصلية
إن الحق العيني الأصلي غالبا يكون واردا على الأشياء باعتبار أن لها حيزا ماديا ملموسا، فكما هو معلوم ان للأشياء المادية تقسيمات متعددة من أشهرها تقسيمها إلى منقولات وعقارات.
فالعقار هو كل شيء مستقر في حيزه وثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير في هيئته (حسب مقتضى المادة 6 من مدونة الحقوق العينية).
أما المنقول فهو ما سوى العقار من كل شيء بحيث يمكن نقله من مكان إلى أخر باستثناء المنقولات التي يخضعها مالكها لاستغلال عقاره حيث تعتبر عقارات بالتخصيص كما سيأتي.
من ثم تنقسم الحقوق العينية إلى نوعين:
- حقوق عينية عقارية.
- وحقوق عينية منقولة.
فموضوع كل من هذين الحقين يكون واردا على الاشياء المادية مع استبعاد الحقوق المعنوية.
وبالتالي فالتفرقة بينهما تقوم على ثبات الشيء أو عدمه، فالعقار يصف الشيء الثابت المستقر في مكانه، في حين أن المنقول يصف الشيء الذي يمكن نقله من مكان إلى آخر.
1- العقارات
ومن أبرزها نوعان:
أ- العقارات بطبيعتها: هي كل الأشياء المعدة في الأصل ثابتة ومستقرة، وذلك بحيث أنه لا يمكن نقلها منه إلا في بعض الحالات الاستثنائية وذلك من خلال وسائل ثقنية خاصة.
في بعض الأحيان، من ذلك على وجه الخصوص الأرض والأغراس المتأصلة بجذورها في الأرض والأبنية المستقرة بها.
وهذا ما نص عليه الفصل 6 من ظهير 2 يونيو 1915 المنسوخ بقوله:
"إن الأراضي والبنايات عقارات بطبيعتها، وكذا الشأن في الآلات والمنشآت المثبتة والمرساة ببناء أو أعمدة والمدمجة في بناية أو في الأرض".
والعقارات بطبيعتها تعتبر من المحصولات الفلاحية الثابتة بجذورها والغابات التي لم تقطع، وثمار الأشجار التي لم تجن بعد.
ب- العقارات بالتخصيص: هي منقولات في أصلها جعلها المالك بأرضه لمصلحة هذه الأرض وحسن استغلالها، أو اشياء منقولة ملحقة بالعقار بصفة دائمة.
وقد جاء بهذا الخصوص ضمن مقتضى المادة السابعة من مدونة الحقوق العينية بأن العقار بالتخصيص هو ذلك المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه، من أجل خدمة هذا العقار أو استغلاله أو لحقه به بصفة دائمة.
ففي المجال الزراعي تعتبر من قبيل المنقولات التي تصبح عقارات بالتخصيص لرصدها على استغلال الأرض زراعيا الأدوات والآلات الزراعية كالمحاريث والأنابيق والبراميل المستعملة لوضع العنب وما شابه ذلك.
والغاية من العقار بالتخصيص تتمثل وتتجسد في تقوية الصلة بين العقارات والمنقولات التابع لها، وذلك تفاديا لانفصالها في مختلف التصرفات القانونية المتعددة كما هو الحال بالنسبة للوصية والبيع والحجز والقسمة.
ونشير هنا إلى أن فكرة العقار بالتخصيص تقتضي تحقق شرطين وهما:
- الشرط الأول: التخصيص أو الإلحاق ويعني أن تكون المنقولات مخصصة لخدمة العقار بالطبيعة أو ملحقة به بشكل دائم.
- الشرط الثاني: اتحاد الملك، أي أن يكون المنقول والعقار عائدين لمالك واحد.
ومن ثم لا يجوز للأفراد أن يتفقوا على إضفاء صفة العقار بالتخصيص على اشياء منقولة لا يتحقق فيها الشرطان السالف ذكرهما.
2- المنقولات
لم يعمل المشرع على تعريف المنقول تعريفا مباشرا ولكن اكتفى بتعريف العقار واعتبر كل ما سواه منقولا، والمنقولات بدورها على نوعين:
أ- منقولات بطبيعتها: كل الأشياء التي يمكن بحسب طبيعتها نقلها من مكان إلى آخر دون تلف، سواء أكانت متحركة بنفسها كالحيوانات، أو بفعل قوة خارجية كالسفن والمركبات الهوائية والسيارات، أو كانت جامدة كأدوات ومواد البناء قبل استعمالها كالغار والكهرباء.
ونلاحظ هنا أنه إذا كانت السفن والطائرات في أصلها منقولات فإنها تخضع لأحكام العقارات بالنظر لأهميتها وقيمتها خصوصا فيما يتعلق ببيعها ورهنها.
ب- المنقولات بالمآل: هي أشياء ثابتة تتخذ صفة منقولات لأن نية المتعاقدين انصرفت إلى فصلها عن مستقرها.
كما في بيع أنقاض ستتخلف من بناء أو بيع اشجار غابة لتقطع وتصنع فحما، أو بيع ثمار الأشجار او الحاصلات الزراعية قبل فصلها عن أصلها.
