📁 آخر الأخبار

آليات تخليق منظومة العدالة

آليات تخليق منظومة العدالة

آليات تخليق منظومة العدالة
آليات تخليق منظومة العدالة

يشكل تخليق منظومة العدالة من بين أهم اللبنات والخطط الأساسية من أجل الوصول الى خطة متكاملة وشاملة للقضاء على جل مظاهر الفساد والانحراف سواء في السلوك المهني للأفراد الموكولة إليهم مهمة القيام ببعض المهام أو بعض العادات لدى جل الوافدين بمجال العدالة.

هذا التخليق هو ورش كبير تسعى من خلاله جاهدا وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية الى تفعيله عبر مختلف الوسائل المتاحة لهم، وذلك بغية التصدي لكافة التجاوزات والاختلالات التي تحول دون الارتقاء بمنظومة العدالة.

وعلى اعتبار أن تخليق منظومة العدالة هو بمثابة المدخل الحقيقي والفعال لأجل تخليق الحياة العامة، فإن هذا المشروع لا يمكن تحقيقه إلا بوجود آليات مؤثرة لأجل بلوغ العديد من الأهداف المتوخاة من ذلك.

إذن فما هي السبل والآليات الكفيلة لتخليق منظومة العدالة؟

فكما هو معلوم أن للتخليق أهمية وطيدة في بناء دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون، وذلك من أجل إقبار الفساد الذي يقزم التنمية المستدامة، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن تحقيقه إلا بفعل العديد من الآليات المساهمة في ذلك كما سيتم التطرق اليها.

أولا: إقرار التوعية والتحسيس

كما سبق القول فإن التخليق له أهمية كبيرة في تحديث مراكز العدالة وتوفير الأمن القانوني والقضائي في المجتمع، وبالطبع ذلك لن يتأتى إلا بفعل برامج هادفة كفيلة بالتوعية والتحسيس والإرشاد السليم، من أجل بيان كيفية تفعيله بكون أن الأمر لا يعدوا أن يكون سوى خارطة طريق يتبعها كل من الموظفين والمواطنين لأجل حسن سير مراكز العدالة.

ويقتضي ترسيخ قيم الشفافية في تدبير الشأن العام، بما يتناسب مع دستور المملكة والتزاماتها الدولية وتنزيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، يقتضي إقرار مضامين التوعية والتحسيس في مراكز العدالة، من أجل الحد من الجنوح غير المشروع.

وهو ما جعل المجلس الأعلى للسلطة القضائية يصدر في 08 مارس 2021 لمدونة الأخلاقيات والسلوكيات، ذلك وفق معايير الحكامة التي نصت على مختلف القواعد التي يجب أن يتقيد بها القضاة، من نزاهة وشفافية ولباقة في التعامل مع مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وحياد وتحفظ، ويشكل ذلك محطة هامة في تأطير السلوك القضائي، بشراكة مع المؤسسات المعنية، ومن شأن ذلك إعطاء العناية الكبيرة لورش التخليق ضمن المشاريع الكبرى لإصلاح منظومة العدالة.

لعل وجود مدونة الأخلاقيات القضائية يعتبر من بين التدابير الوقائية من الفساد، والتي من شأنها أن تعزز للمسؤولية والنزاهة.
خاصة أن السلطة القضائية هي سلطة مستقلة ومحايدة، وركن أساسي لحماية حقوق الانسان، على اعتبار أن نزاهة القضاء تشكل الحجر الأساس في الأنظمة القضائية القوية، وكذلك شرطا مسبقا وضروريا لسيادة القانون.

وقد جاء وضع المدونة للأخلاقيات في سيلق يندرج ضمن مسار تعزيز عملية الإصلاح الشامل للعدالة الذي عرف انطلاقة منذ بضع سنوات، وتنفيذه يجد سنده ضمن مقتضيات المادة 106 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

ثانيا: إقرار سلطة المتابعة والجزاء من أجل تخليق منظومة العدالة

كما هو معلوم فلا أحد فوق المحاسبة ولا مجال للإخلال بالثقة العامة، والعزم كبير على مواجهة الحالات التي تسيء الى الصورة العامة لمراكز العدالة، وبنفس القدر من العزم يجب تشجيع جل الطاقات المبدعة والعلامات المضيئة التي تنير سماء العدالة ببلادنا، وذلك لأجل إقرار التخليق وبناء المراكز القضائية مبنية على السمات الأخلاقية، بحيث أنه بوجودها يتحقق ازدهارها، وإقبارها يشوبها الانهيار.
وفي سياق ذلك فقد تمت دراسة ومعالجة ما يزيد عن 6376 شكاية وإحالتها على الجهات المختصة، فضلا عن إحالة 198 شكاية على المفتشية العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث تمت دراسة 176 منها.

ولابد من التأكيد هنا على أنه بقدر الحرص على تكريس قواعد الشفافية ومبادئ المسؤولية والمحاسبة، فإنه بمقابل ذلك لن يتم التساهل أمام الشكايات الكيدية التي تتم بسوء نية بقصد التأثير أو الضغط أو التشويش، وعلى سبيل المثال فقد عرفت سنة 2018 إحالة (24) لأربع وعشرون قاضيا في إطار مسطرة التأديب بعد دراسة متأنية لتقارير المقررين، ومقابل ذلك تقرر الحفظ في حق 6 آخرين.

والمجلس الأعلى للسلطة القضائية سهر في كل هذا على أن تمر الملفات التأديبية للقضاة في إطار الضمانات الدستورية والقانونية التي تفعل قواعد المسؤولية والتخليق والتأطير والتوجيه والتقويم، وتوزعت العقوبات بين الانذار والعزل وعدم مؤاخذة قاضيين وتعميق البحث في حق واحد.

وعلى نفس السياق أنجزت المفتشية العامة لوزارة العدل خلال سنة 2020 الى حدود 20 أكتوبر عددا من مهام المراقبة والتفتيش، وخلال نفس الفترة تلقت هذه المفتشية ما مجموعه 214 شكاية، اتخذت بشأنها القرارات المناسبة، وتوصلت ب 18 تظلم وشكاية من مؤسسة الوسيط، بحيث تمت معالجة 12 منها والباقي في طور الإنجاز.

والى هنا يمكن القول بأن نجاح التخليق في مرافق العدالة هو مسؤولية مشتركة بين كل من المواطنين وجل موظفي العدالة، كل منهم من موقعه وبوسائله المتاحة، وهو أمر من شأنه أن يعطي سمعة جيدة لمراكز العدالة ويرتقي بها أمام المراسيم الوطنية والدولية.

تعليقات