📁 آخر الأخبار

الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني

القضاء الإلكتروني | استراتيجيات وجهود نحو العدالة الرقمية

إن عصرنة العدالة تعد حاليا من أكبر التحديات التي تواجهها الدول السائرة في التطور الذي يشهده العالم في مختلف مجالات الحياة، فالتحولات العميقة والسريعة التي عرفتها المجتمعات الحديثة تتجه للاستعمال المتزايد لتكنولوجيا الاعلام والاتصال في مختلف الميادين، وقد كان لها أثر مباشر في تسيير المرفق القضائي، وأصبحت الأنظمة القضائية، رغم ما تتميز به من طابع محافظ، مطالبة بتحديث وسائل عملها وأساليب إدارتها.

الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني
الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني.

تبعا لذلك سنحاول  تسليط الضوء على التجربة المغربية في سبيل ترسيخ القضاء الإلكتروني ، وكذلك على بعض تجارب الدول الرائدة التكنولوجيا.

المجهودات الوطنية في مجال القضاء الإلكتروني

أصبحت تشكل المعلوميات في مجال القضاء خطوة مهمة جدا للوصول إلى عدالة إلكترونية.
  • تنبني على تغطية مجمل المساطر القضائية معلوماتيا.
  • تقوية الخدمات القضائية المقدمة على الخط فضلا عن توظيف الأطر العليا المختصة في المعلوميات والشبكات وتطوير البرامج.
  • توفير فرص التكوين في هذا المجال، والتعاون مع مختلف المهن القضائية للانخراط في عملية التحديث هذه.
وفي سبيل تحقيق ما سبق ذكره عمل المغرب من خلال وزارة العدل على نهج سياسة التعاون مع العديد من المؤسسات الدولية قصد المساعدة على تحديث المرفق القضائي.
كما بادر على سد الفراغ القانوني الذي كان يعرفه نظام التقاضي عن بعد وذلك بإصدار مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، حيث سيعمل هذا النص القانوني على إلحاق بعض التعديلات على قانون المسطرة المدنية وكذا المسطرة الجنائية.

1- تحديث القضاء المغربي في إطار التعاون الدولي

يعتبر كل من "مشروع ميدا" الخاص بالمحاكم العادية، ومشروع USAID بشأن تحديث المحاكم التجارية، من أبرز برامج التعاون الدولي التي تكرس أهمية استعمال المعلوميات في عملية تحديث المحاكم بالمغرب، لذلك ستحاول فيما يلي التركيز على أهميتها وعلى آثارها على العمل القضائي داخل محاكم المملكة.

أولا - التعاون القضائي مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID

قامت وزارة العدل والحريات وعيا منها بمستلزمات الفترة الحالية والإكراهات التي تعيق العمل بالمحاكم بمبادرة أولية تتمثل بتحديث المحاكم التجارية في مرحلة أولى نظرا الطبيعة الدعاوى التي تبت فيها هذه المحاكم التي تتطلب السرعة في الإجراءات وفي البث، لذلك منحتها الوزارة المذكورة بموجب هذه المبادرة العديد من الوسائل قصد عصرنتها كإدخال المعلوميات من أجل تدبير أحسن للملفات.

وفي هذا الإطار تم عقد شراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) بتاريخ  2000/06/13، من أجل تأهيل المحكمة التجارية بأكادير وتمكينها من الإمكانيات التقنية للمعالجة المعلوماتية، وذلك في إطار تطوير المحيط القانوني الدعم الاستثمار.

ولقد تم تطوير هذا البرنامج في سنة 2002 من أجل أن يشمل محكمة الاستئناف التجارية والمحكمة التجارية بمراكش، وذلك قصد تحسين أدائها عن طريق الإدارة المعلوماتية لمساطر السجل التجاري والحفظ وتكوين الموظفين والقضاة في المعلوميات، وكذا التجهيز بالأجهزة المعلوماتية.

أ - أهداف مشروع التعاون القضائي مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

يهدف مشروع التعاون القضائي مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالأساس إلى الاستجابة لمتطلبات تنظيم حديث وفعال للقضاء التجاري، ذلك أن هذا المشروع تضمن عدة اقتراحات تهم:

  1.  تنظيم المحكمة التجارية بأكادير.
  2. محكمة الاستئناف التجارية بمراكش.
  3. والمحكمة التجارية بمراكش.

 تتجلى أبرزها في الفصل بين مهام الإنتاج "تهيء وتدبير الملفات" والمهام المتعلقة باستقبال المتقاضين، وفي جعل عمل كتاب الضبط مرتبطا بملفات معينة حقيبة ملفات) وليس بمهام محددة على صعيد الشعبة، وذلك لتعميق وتحديث المسؤوليات، وفي استغلال الإمكانيات التي ينتجها استعمال المعلوميات.

ويهدف مشروع USAID كما سبق التوضيح إلى تمكين المحكمة التجارية بأكادير، ومحكمة الاستئناف التجارية والمحكمة التجارية بمراكش من الإمكانيات التقنية للمعالجة المعلوماتية:

  • من تجهيزات وبرامج.
  • وكذلك تكوين القضاة وكتاب الضبط.
  • إعادة نظام جديد للإحصائيات لتقوية موقع الوزارة على الأنترنيت.
  • إدارة صناديق المحاكم التجارية والإدارة المعلوماتية للمساطر والسجل التجاري والحفظ.
  • تكوين الأطر في الميدان القانوني والمعلوماتي وكذا توفير الأجهزة المعلوماتية.

ب - آثار التعاون القضائي مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية :

تم في إطار التعاون القضائي مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعزيز السجلات التجارية التابعة للمحاكم التجارية، بأنظمة معلوماتية ملاءمة لتؤمن استعمال هذه السجلات وحفظها وتسجيل المعلومات المتعلقة بالشركات والتجار بشكل متطور، مما سيجعل الحصول على المعلومات عند الطلب يتم بطريقة سريعة وموثوق من صحتها.

ويقدم مشروع USAID دعما كبيرا للمحكمة التجارية بأكادير ومراكش ومحكمة الاستئناف التجارية بمراكش من أجل تجهيزها معلوماتيا وتحسين آليات عملها، كما يقدم هذا المشروع دعما لتكوين أطر هذه المحاكم وقضاتها في المعلوميات.

ومما لاشك فيه أن مشروع USAID يساهم بشكل في الارتقاء بأداء المحاكم التجارية وبخدماتها وتسريع إجراءاتها والبث في قضاياها، وهو ما يتوافق مع نوع القضايا التي تبت فيها ومدى ارتباكها المباشر بالاستثمار.

ثانيا - التعاون الدولي في إطار تطبيق "مشروع ميدا لتحديث المحاكم بالمغرب"

لقد تم تأسيس مشروع "ميدا 2"  منذ تصريح برشلونة في نونبر 1995 ، والذي تم التركيز من خلاله على جميع المجالات التي من شأنها تدعيم الديمقراطية وتقوية دولة الحق والقانون، وذلك لفترة ممتدة من سنة 2000 إلى سنة 2006 وتم تمديده إلى غاية يوليوز 2008 بغلاف مالي قدره 5.35 مليار أورو، ولقد ساهمت وزارة العدل المغربية بشكل بارز في تطبيق هذا المشروع على أرض الواقع على اعتبار أنها المستفيد الرئيسي منه.

ولقد تم التوقيع على تطبيق مشروع "ميدا 2 بتاريخ 09 شتنبر 2003 بهدف تحسين مستوى سير النظام القضائي بالمغرب، فما هي إذن أهدافه ؟ وماهي النتائج المرتقبة من تطبيقه ؟

أ - أهداف مشروع ميدا 2 تحديث المحاكم بالمغرب

إن مشروع "ميدا 2" يهدف بالأساس إلى الرفع من مستوى أداء الجهاز القضائي المغربي ليواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تحسين سير النظام القضائي المغربي عن طريق معالجة معلوماتية خاصة ب 44 محكمة (16) محكمة استئناف و 21 محكمة ابتدائية و 7 محاكم إدارية).

وتتجلى أهم أهداف مشروع "ميدا 2 في تحديث أدوات العمل وتسريع الإجراءات داخل المحاكم تطوير البنية التحتية والتنظيمية بها، الرفع من مستوى أداء الجهاز القضائي، نشر المعلومات القانونية والقضائية وتطوير أساليب الحفظ والأرشيف.

وعليه يمكن تقسيم مشروع "ميدا 2" إلى ثلاثة أقسام (انشائها على شكل جدول)

البنية التحتية ونظام الإعلام
يعتمد مشروع "ميدا 2 على مجموعة من العناصر التي يمكن تلخيصها في وضع نظام معلوماتي مندمج يتضمن نظامين:
- نظام مرجعي وآخر لإدارة القضايا معلوماتيا يهدف إلى تطوير المحاكم النموذجية بالرباط والدار البيضاء إنشاء وبدء تنفيذ جهاز تدبير الأرشيف القضائي معالجة معلوماتية للسلسلة المدنية والجنائية وكذا حوسبة صناديق المحاكم ووضع شبابيك الإعلام القضائي داخل المحاكم  بالإضافة إلى الرفع من مستوى البنية التحتية المعلوماتية للمحاكم المعنية، ثم العمل على إنشاء وتطوير قاعد معطيات قانونية وقضائية، يتم من خلالها الاطلاع على أهم النصوص التشريعية والتنظيمية والقضائية.
ومثل أي مشروع تم القيام بدراسات على مستوى الواقع والحاجيات،أعقبه نظام جديد للتوثيق ليتم فيما بعد خلق مواقع للأرشيف وتحديد المهمة المتعلقة بالأرشيف، وذلك وفق منهجية محددة ودقيقة.
ومن أجل تسهيل عملية التوثيق تضمن المشروع دليلا حول وظيفة الأرشيف وبطاقات الوظائف،وكذا نظام تدبير الآلي للأرشيف، بالإضافة إلى التعريف باللوازم والأجهزة الضرورية لذلك.
ويتعين بالإضافة إلى ما سبق، إعداد برنامج لتشييد وتهييئ مراكز خاصة بالأرشيف، وذلك بتجهيزها "بمنقول تخزين الوثائق، وكذا وسائل النقل والبرامج الإلكترونية الخاصة بالأرشيف والتجهيز المعلوماتي.
برنامج التكوين
يرتكز هذا البرنامج على  على تكوين المستعملين لاستعمال التطبيقات والبرامج المعلوماتية التي سيتم وضعها وكذا تكوين متخصصين في ميادين التدبير والتسيير والعمل على نشر المعلومات القانونية بكيفية متطورة لفائدة المستعملين بالإضافة إلى عقد حلقات دراسية، تداريب وزيارات لفائدة المستعملين.
الدعم المؤسساتي
يهم هذا الدعم تحقيق الاستمرارية لبرنامج "ميدا "2" وذلك وفق منظومة تساعد على تحديث هذا البرنامج ثم العمل على تطوير الاستراتيجية الاستشرافية لعملية التحديث هذه على صعيد وزارة العدل.
ولأجل تحقيق التوصل بين الفرق العاملة:
- تم اعتماد وحدة تدبير المشروع وتتكون من ممثلين عن مختلف مديريات الوزارة خاصة مديرية التجهيز والموارد البشرية ومديرية الحسابات وكذلك من خبراء تقنيين من فرنسا والمغرب
- كما تم إنشاء مجموعات عمل مقترحة تتضمن مهندسين وإعلاميين من الوزارة تجتمع بانتظام لتقييم تطور انجازات المشروع.
- بالإضافة إلى إنشاء أندية المستعملين التي تتكون من ممثلي الوزارة والمحاكم المراقبة مدى ملاءمة جميع التحاليل التي أجراها الخبراء بالتطبيق المؤسساتي.

ب - آثار مشروع "ميدا 2 على النظام القضائي بالمغرب

يعتبر مشروع "ميدا 2 بداية لاتخاذ جميع التدابير الضرورية للتأقلم مع متطلبات العصر، والمتمثلة أساسا في تكنولوجية المعلوميات التي من دون شك سوف يؤدي استغلالها بشكل عملي داخل محاكم المملكة إلى تحقيق عدة مزايا أهمها:

  1. تقريب القضاء من المواطنين.
  2. تحسين سير العمل وتحسين الخدمات المقدمة للمتقاضين القضاء على الاكتظاظ والازدحام داخل المحاكم.
  3. توفير القوة والجهد والمال سواء لفائدة الإدارة القضائية أو لفائدة المتقاضين.
  4. توحيد الاجتهاد القضائي والإداري، ضبط نشاط المحاكم وتحديد حاجياتها، ثم إثراء الخزانة القانونية.

ولاشك أن مشروع "ميدا 2 من شأنه أن يؤدي إلى اعتماد برنامج معلوماتي موحد في سير عمل معظم المحاكم العادية، التي تعرف أكثر من غيرها مشكل الاكتظاظ وتزاحم المتقاضين.

لذلك يعتبر وسيلة لتوحيد العمل داخل هذه المحاكم من أجل التغلب على المشاكل التي تعاني منها والحصول على نتائج إيجابية من شأنها أن تعيد ثقة جمهور المتقاضين بأدائها.

من هنا يتضح أن كل من برنامج التعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID وبرنامج "ميدا 2"، سيساهمان بشكل كبير في تطوير أداء المحاكم بالمملكة وتحديث خدماتها وتسريع إجراءاتها لبلوغ عدالة إلكترونية فعالة.

2- مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية

بادر المشرع المغربي إلى سد الفراغ القانوني، الذي كان يعرفه نظام التقاضي عن بعد، وذلك بإصدار مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، حيث سيعمل هذا النص القانوني على إلحاق بعض التعديلات على قانون المسطرة المدنية وكذا المسطرة الجنائية.
الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني
القضاء الالكتروني.

ويمكن القول إن هذا المشروع تضمن العديد من المستجدات، حيث حاول واضعوه تبني الكثير من القواعد الجديدة لتبسيط المساطر على المتقاضي.

أولا - استعمال الوسائط الإلكترونية في قانون المسطرة المدنية

من أهم المستجدات التي جاء بها المشروع قانون من خلال تعديل قانون المسطرة المدنية، نجد:

أ - إيداع المقالات تعيين اول جلسة والقاضي المقرر

أتاح الفصل 31 للطرف المدعي إبداع المقال الافتتاحي لدى كتابة الضبط على حامل ورقي أو عبر النظام الإلكتروني المعد لهذه الغاية، وبمجرد إبداع المقال بكتابة الضبط يتسلم الطرف المدعي الاستدعاء للجلسة وتبلغ للطرف الآخر نسخة من هذا الاستدعاء ومن المقال مع إشعاره بالجواب وتقديم الدفوعات قبل تاريخ الجلسة.

ويعين القاضي المقرر تلقائيا بواسطة النظام المعلوماتي، إلى جانب تحديد تاريخ أول جلسة وذلك وفق ما جاء به الفصل 1-31 الذي حول استثناءا لرئيس المحكمة سلطة تغير القاضي المعين تلقائيا بمقرر معلل، وهو ما يعني توجه المشرع إلى إقرار الشفافية وخلق الثقة لدى المتقاضي في الإدارة القضائية.

وأن التنصيص على هذا المقتضى فيه استحضار لقيمة الزمن القضائي للدعوى و البت في القضايا داخل أجال معقولة حماية للحقوق المتنازع فيها.

ب - التبليغ الإلكتروني

يعرف التبليغ الإلكتروني بأنه وسيلة يتم عن طريقها إبلاغ الأطراف بمجريات الدعوى وبنتيجتها، وذلك عن طريق استعمال وسائل الاتصال المعتمدة والمنتجة لآثارها:

  •  كالبريد الإلكتروني الرسمي
  • خدمة الاتصال الهاتفي المتنقل والثابت.
  • أجهزة الفاكس.

 ويوجد تعريف للتبليغ الإلكتروني عن طريق البريد الإلكتروني تم وضعه عن طريق قواعد الايداع والإعلان الخاصة بمحاكم ولاية كاليفورنيا حيث عرفته بأنه النقل الإلكتروني لمستند إلى العنوان الإلكتروني للخصم بغرض إعلامه.

وحسب الفصل 1-41 فإنه تتولى منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد تأمين عملية التبادل اللامادي للإجراءات بين المحامين والمحاكم، ونص المشروع قانون بموجب الفصل 3-41 على أن تضمن بالمنصة الإلكترونية الحسابات الإلكترونية المهنية للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء والعناوين الإلكترونية الرسمية للإدارات العمومية وللأطراف الراغبين في ذلك.

 ليتم اعتمادها في التبليغ الإلكتروني، والهدف من هذا المقتضى هو إشراك المهن القضائية في تجويد العمل القضائي الإلكتروني من حيث وجوبية أصحاب المهن القضائية إنشاء حسابات إلكترونية وترك لباقي الأطراف الحرية في الإدلاء بعناوينهم الإلكترونية.

من خلال الفصلين 5 و 6-41 فإن التبليغ الإلكتروني متاح للمحكمة إما تلقائيا أو بناء على طلب أحد الأطراف الذي له الحق في التراجع عن رغبته هذه.

 وهذا الخيار يتيح للمحكمة تبليغ الأطراف التي يستحيل تبليغها إلكترونيا بالتبليغ العادي كالأطراف الذين لا يتوفرون على بريد إلكتروني، وذلك بهدف تقليص الزمن القضائي الذي يطول بسبب مشاكل التبليغ.

وتجدر الإشارة إلى أن التبليغ المنصوص عليه ضمن هذا القانون يمكن أن يتم في أي وقت ودون الحصول على أي إذن معلل من طرف رئيس المحكمة التي تنظر في القضية.

بخلاف ما نصت عليه المادة 37-1 من مسودة قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه "لا يجوز تبليغ أي طي قضائي، قبل الساعة السابعة صباحا وبعد الساعة العاشرة ليلا، إلا في حالات الضرورة وبعد استصدار إذن مكتوب ومعلل من طرف رئيس المحكمة التي تنظر في القضية، أو من طرف قاضي التنفيذ حسب الأحوال".

ت - الحجية القانونية للوثائق

المقتضيات التي جاء بها القانون في هذا السياق تجد أساسها في القانون رقم 05.53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية؛ إذ يلاحظ أن المشرع تعمد تكرار الإشارة إلى الموازاة بين الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية والوثيقة المحررة على دعامة ورقية.

 وربما ذلك يرجع إلى التأكيد على الحجية القانونية للمستندات التي تتم عبر الوسائط الإلكترونية وتحصينها من أي تأويلات قد تفرغها من مضمونها.

 بحيث أكدت الفقرة الأولى من المادة 2-41 على أن المقالات والمذكرات والمرفقات وكافة الإجراءات الأخرى المحررة على دعامة إلكترونية المدلى بها أو المتوصل بها عبر الوسائط الإلكترونية صحيحة ولها نفس الحجية التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على دعامة ورقية؛ وهذا ما يتماشى مع الفقرة الثالثة الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود.

وتنص مقتضيات المشروع أيضا على عدم قبول إنكار أطراف الدعوى للمستندات المقدمة عبر الوسائط الإلكترونية، وأكد على أن صور المستندات في الإجراءات التي تتم عبر الوسائط الإلكترونية تقبل "ولا يحول ذلك دون إمكانية تكليف المحكمة من قدم المستند بتقديم أصله متى رأت لذلك ضرورة".

وأنه لا يعتد بإنكار الطرف في الدعوى للمستندات المقدمة من خصمه عبر الوسائط الإلكترونية لمجرد أنها صور ما لم يتمسك من أنكرها بعدم صحة تلك المستندات أو عدم صدورها عمن نسبت إليه.

ومن ثم فإن قبول صور المستندات في الإجراءات دون إلزام الطرف المدلى بها بتقديم أصولها أو صور رسمية منها لضمها للملف الورقي إلا في حالة إنكارها من طرف الخصم يعتبر قاعدة موضوعية في الإثبات وتعديلا لمقتضيات الإثبات المنصوص في عليها في الفصل 440 ق. ل. ع المشار إليها أعلاه.

ث - تسليم نسخ الأحكام بطريقة إلكترونية

حسب الفصل 9-41 فإنه لا يحول استخدام الوسائط الإلكترونية دون حق الأطراف في الحصول ورقيا على النسخ العادية والتبليغية والتنفيذية للأوامر والأحكام والقرارات القضائية.

وقد نص الفصل 53 بأنه تسلم نسخة من الحكم بعد الإشهاد على مطابقتها للأصل لمن يطلبها من الأطراف بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرته أو أي محكمة مجهزة بنظام معلوماتي خاص.

بمعنى أن نسخة الحكم المعدة إلكترونيا يمكن أن تستخرج من أية محكمة مزودة بنظام معلوماتي خاص شريطة الإشهاد على مطابقتها للأصل، ويضمن بالنظام المعلوماتي تاريخ واسم الشخص الذي سلمت إليه ما يفسر إحداث الحفظ الإلكتروني للأحكام في النظام المعلوماتي، دون التفريط في الأصول الورقية.

ومن أهم المستجدات التي جاء بها المشروع قانون وضع نظام لتدبير التوقيع الإلكتروني على صعيد مكونات الإدارة القضائية، بحيث ينص الفصل 51 في فقرته الثانية على ما يلي:

" يوقع محضر الجلسة وسجلها يدويا أو إلكترونيا من طرف رئيسها وكاتب الضبط".

وينص الفصل 50 من المشروع في فقرته العاشرة على "أن تؤرخ الأحكام وتوقع يدويا أو إلكترونيا، حسب الحالات من طرف رئيس الهيئة المكلفة بالقضية، والقاضي المقرر، وكاتب الضبط، أو القاضي المكلف القضية، وكاتب الضبط ".

بالإضافة إلى اعتماد الأداء الإلكتروني لاستيفاء الرسوم والمصاريف القضائية والغرامات وفق مقتضيات الفصل 528 الذي نص على أنه "يمكن اعتماد نظام الأداء الإلكتروني في جميع الأحوال التي تستوجب تأدية وجيبة قضائية أو إيداع مبلغ ".

ثانيا - استعمال الوسائط الإلكترونية في المسطرة الجنائية

بالاطلاع على المستجدات التي جاء بها مشروع القانون على مستوى المسطرة الجنائية يلاحظ أنها تناولت أولا استعمال تقنية المحادثة المرئية عن بعد في التحقيق والمحاكمة في الحالات التي يصعب فيها تنقل الشهود لبعد المسافة وبصفة استثنائية لاستجواب المتهمين المعتقلين.

وثانيا استعمال هذه التقنية في مجال التعاون الدولي: ما يفسر أن هذه التعديلات تم إقرارها لتوفير الضمانات المطلوبة لعقد المحاكمات عن بعد.

أ - استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في التحقيق

هذه العملية منظمة بموجب المادة 1-193 و 2-193 و 3-193، بحيث خولت لقاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم أن يقرر تلقي تصريحاته أو الاستماع إليه أو مواجهته مع الغير عبر تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث.

متى وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير، أو لبعد أحدهم عن المكان الذي يجري فيه التحقيق.

ويوجه قاضي التحقيق إنابة قضائية له بالمحكمة التي يوجد بدائرتها الشخص المعني بالأمر، يبين فيها الأسباب التي تبرر اللجوء لتقنية الاتصال عن بعد وهوية الشخص أو الأشخاص موضوع هذا الإجراء، ويحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها.

وإذا تعلق الأمر بشخص معتقل، فإنه يمكن لقاضي التحقيق بعد أخذ رأي النيابة العامة، الاستماع إليه أو استنطاقه باستعمال تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث، بحضور موظف يعمل بالمؤسسة السجنية يلتزم بالحفاظ على سرية التحقيق تحت طائلة العقوبات المقررة في الفصل 446 من القانون الجنائي.

وحسب الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 3-193 فإن على كاتب الضبط أن يحرر محضرا بكل عملية استماع أو استنطاق يوجه فورا عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني أو بأي وسيلة أخرى تترك أثرا كتابيا إلى مقر المؤسسة السجنية، حيث يتم التوقيع عليه من قبل الشخص المعني بالأمر أو يشار إلى رفضه التوقيع، ويحال المحضر من جديد من قبل مدير المؤسسة السجنية إلى القاضي الذي يوقعه بمعية كاتب الضبط.

وإذا كان الشخص مؤازرا بمحام فيمكن لهذا الأخير الحضور إلى جانب القاضي في المكان الذي يجري فيه التحقيق أو إلى جانب مؤازره في المؤسسة السجنية.

يتبين من خلال هذه المقتضيات عدم الأخذ في الاعتبار موافقة المتهم في حالة ما تم اللجوء إلى تقنية الاتصال عن بعد تلقائيا من قبل قاضي التحقيق أو بناء على ملتمس النيابة العامة، وبالتالي فموافقة المتهم على هذا الأجراء أمر ضروري.

ب - استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في المحاكمة

بموجب المادة 3744 فإنه متى إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو الشاهد أو المطالب بالحق المدني أو الخبير أو لبعد أحدهم عن المكان الذي تجري فيه المحاكمة.

فإنه يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم، أن تصدر مقررا قضائيا معللا تبين فيه الأسباب التي تبرر اللجوء لتقنية الاتصال عن بعد، وهوية الشخص أو الأشخاص موضوع الإجراء وتحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها وتوجه إنابة قضائية إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها الشخص أو الأشخاص المعنيين للسهر على استدعاتهم والإشراف على عملية الاستماع عن بعد.

كذلك خلال هذه المرحلة تم إغفال التنصيص على موافقة المتهم الذي سيخضع للمحاكمة عن بعد، بحيث في حالة رفض المتهم أو دفاعه المحاكمة عبر هذه التقنية فإن المحكمة ملزمة بالاستجابة للطلب، أضف إلى جانب الموافقة الصريحة من أجل المحاكمة عن بعد.

 فلا بد في أول جلسة أن يحال المتهم فورا على هيئة الحكم ليستفيد من مقتضيات المادة 385 من ق.م.ج التي تنص على ما يلي:

 " يقدم المتهم إلى الجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة 74 من هذا القانون بدون سابق استدعاء، وفي كل الأحوال داخل أجل ثالثة أيام، وتشعره المحكمة بأن له الحق في طلب أجل قصد تهييء دفاعه واختيار محام".

ت - التعاون الدولي في المجال الجنائي

يمكن لوزير العدل حسب الباب الثامن المادة 3-749 أن يأذن، في إطار تنفيذ إنابة قضائية دولية، المحكمة أجنبية بالاستماع إلى شخص أو أكثر إذا كان موجودا بالمغرب، ووافق صراحة على قبول هذا الطلب.

ويتم الاستماع وفق الكيفيات المنصوص عليها في المواد من 3-347 إلى 6-347 من مشروع، غير أنه يجب حضور مترجم إذا كانت المناقشات تجري بغير اللغة العربية حتى وإن كان الشخص أو الأشخاص يحسنون اللغة التي تستعملها المحكمة الأجنبية.

ويمكن للقاضي المغربي المشرف على تنفيذ الإنابة تلقائيا أو بناء على طلب من ممثل النيابة العامة الذي يحضر معه أن يعترض على طرح بعض الأسئلة إذا كان من شأنها المساس بمصالح المغرب الأساسية، أو بثوابته، أو تتعلق بسر من أسرار الدفاع الوطني ويمكنه أيضا الأمر بإيقاف العملية في حال إصرار المحكمة الأجنبية على طرح السؤال المعترض عليه.

ويحرر محضر العملية، ويمكن إجراء تسجيل مصور أو صوتي لها، كما يمكن للقضاة المغاربة أن يباشروا الاستماع إلى الأشخاص الموجودين خارج المغرب أو استنطاقهم أو مواجهتهم مع الغير أو تلقي تصريحاتهم عن طريق تقنيات الاتصال عن بعد، وفق مقتضيات هذا القانون مع مراعاة الاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية للدول التي يطلب القيام بالإجراء فيها.

من خلال ما تقدم يتبين أن المقتضيات التي جاء بها القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية بمثابة عمل جوهري لهيئة كتابة الضبط، لأن جميع الإجراءات الواردة فيه تخص الاختصاصات الإدارية.

والشبه القضائية لهيئة كتابة الضبط، حيث تناول كيفية تلقي المقالات والمذكرات وتبادلها إلكترونيا، والتبليغ والتنفيذ، وغيرها من المهام ومن تم فإن جهاز كتابة الضبط جاء حاضرا بقوة في هذا المشروع.

إلا أن ذلك لا يعني أن المشرع لم يقزم من دور هذه الهيئة من خلال المادة 1-432 التي تنص : "يقدم طلب التنفيذ إلى القاضي المكلف بالتنفيذ المختص محليا..."، فهذه المادة تم من خلالها تحويل اختصاصات كتابة الضبط بتلقي التصريحات والطلبات إلى قاضي التنفيذ.

أما بخصوص الشق المتعلق بالآليات غير الرسمية لتحقيق العدالة الرقمية ، فالتحكيم الإلكتروني بالمغرب مازال في مراحله الأولى بسبب ضعف انتشار ثقافة الوسائل البديلة لحل المنازعات، الأمر الذي يتطلب مجهودات إعلامية للتعريف به ونشر ثقافة البدائل غير القضائية.

كما يتطلب الأمر بالإسراع بإخراج قانون خاص بالتجارة والإلكترونية في شكل مدونة تضم في جزء منها أحكام منظمة للتحكيم الإلكتروني من أجل مسايرة التطور الكبير الذي يشهد العالم الافتراضي هذا فيما يخص التحكيم الإلكتروني .

أما بالنسبة للوساطة الإلكترونية فالمشرع المغربي مطالب بضرورة الإشارة إليها كإمكانية بديلة لتسوية النزاعات نظرا لأنها توفر العديد من الامتيازات الأطراف النزاع.

فضلا عن أنها تحظى مؤخرا باهتمام بالغ من لدن مختلف الباحثين والمهتمين والتشريعات المقارنة، وذلك بفضل السرعة الفائقة التي تتم من خلالها عملية فض النزاع مقارنة بالوساطة التقليدية وبقية الوسائل الأخرى، كما توفر الوقت والجهد اللذان أصبح جهاز القضاء عاجزا عن الوفاء بهما أثناء فصله بين المتنازعين.

تجليات القضاء المقارن في المجال الإلكتروني

تسعى دائما الدول المتقدمة إلى ابتكار أنسب الطرق الإلكترونية لإنجاز أنشطتها اليومية من أجل أن تؤدي حكوماتها مهامها بشكل فعال في الاقتصاد العالمي المتصل بشبكة الأنترنيت، لذلك أصبحت هذه الدول هي الرائدة والسباقة إلى تطبيق القضاء الإلكتروني في الدعاوى الرقمية.
ولقد أصبحت هذه الدول المتقدمة مرجعا ونموذجا تعتمده دول عربية من أجل الوصول إلى عدالة إلكترونية، وسنحاول من خلال هذا المحور التطرق للبعض من هذه التجارب الرائدة في مجال القضاء الإلكتروني.

1-  تجارب بعض الدول الرائدة تكنولوجيا في مجال القضاء الإلكتروني

تعتبر الدول الرائدة تكنولوجيا أول الدول التي سعت إلى تطبيق تقنية التكنولوجية الحديثة في عملها القضائي نظرا لتطورها الملحوظ في هذا المجال وتنوع مجالات تطبيقه في إدارتها القضائية.

إذ تعتبر أول من عرفت بوادر تطبيق النظام الإلكتروني في مجال القضاء، ونذكر هنا على سبيل المثال دولة سنغافورة التي تعتبر أول دولة شهدت إنشاء محكمة إلكترونية، والولايات المتحدة الأمريكية التي عرفت أو ظهور للمحامي الإلكتروني، بل أبعد من ذلك أصبح لها تشريعات خاصة تنظم عملية التقاضي الإلكتروني وفرنسا التي شهدت بدورها تطروا ملحوظا في مجال التقاضي الإلكتروني.

أولا - تجربة سنغافورة في ترسيخ القضاء الإلكتروني

تعتبر تجربة سنغافورة الأولى في تطبيق النظام القضائي الإلكتروني، نظرا لكونها تعتبر من أكثر البلدان تطورا في استخدام تكنولوجيا الأنترنيت، ونظرا كذلك لكون هذا النوع من الخدمات القضائية الإلكترونية يتماشى مع سعبها أن تكون مركزا إقليميا وعالميا للتجارة الإلكترونية 440.

ولقد افتتحت في سنغافورة أول محكمة إلكترونية سنة 2002، وهي محكمة متخصصة في تسوية الخلافات المتعلقة بالتجارة والأعمال الإلكترونية على شبكة العنكبوت الدولية الأنترنيت، واعتبرت آلية لفض النزاعات في هذا النوع الجديد من الخلافات التجارية والمالية دون الحاجة إلى المحكمة التقليدية .

وتختص هذه المحكمة الإلكترونية بالدرجة الأولى بالبث في خلافات التجارة الإلكترونية، نظرا لطبيعة التجارة والتباعد الجغرافي بين التجار والشركات أو بين الشركات وزيناتها، ونظرا للسرعة التي تتطلبها التجارة الإلكترونية مقارنة مع التجارة التقليدية.

تقدم المحكمة الإلكترونية السنغافورية خدماتها على أساس أليات المحاك الثانوية، وبالاشتراك مع سبع جهات قانونية على رأسها وزارة العدل السنغافورية والمجلس الاقتصادي والتنموي في الجزيرة ومحاكم الخلافات الصغيرة ومركز فض النزاعات السنغافورية والمركز الدولي السنغافوري للوساطة.

وتقوم فكرة المحكمة الإلكترونية بسنغافورة على أساس عدم حضور الأطراف أو أحدهما إلى المحكمة لرفع القضية ومتابعتها، فالمطلوب هو أم يقدم كل منهما عنوانه البريدي الشبكي وعنوانه الحقيقي في منزله أو شركته، وذلك بالتوجه نحو موقع المحكمة ، وملء الاستمارة الخاصة بتقديم الشكوى واقتراح ما يراه من حل، والتعرف على رقم قضيته الإلكترونية.

 وتتسلم المحكمة طلب، لتبعت به للطرف الآخر الذي يدعي أن له حقا عنده، وخلال 3 أيام تعلمه المحكمة بالحقائق المقدمة ضدهن وإذا استلم الطرف الآخر على عنوانه البريدي الشكوى المقدمة من المحكمة فله الحق في رفض أو قبول المثول أمام قضاتها، فإذا قبل عليه ملء استمارة مماثلة لاستمارة المدعي.

وإذا لم يرد المدعى عليه في فترة محددة تلغي القضية، كما يمكنه هو الرد بالدفاع عن نفسه بالحقائق التي تؤيد براءة ذمته من أية حقوق مالية للطرف الأول.

وذلك من خلال أسبوع إلى 4 أسابيع، وبعد استلام المحكمة الإلكترونية لرد المدعي عليه وقبوله بتحكيمها تختار المحكمة الجهة القانونية التي ستقوم بفض النزاع مثل محاكم الخلافات الصغيرة، أو المحكمة الإلكترونية نفسها، أو محكمة فض النزاعات الدولية التقليدية أو الإلكترونية المشابهة لها.

وبعد إعلام الطرفين بالجهة التي ستكون الحكم بينهما تبدأ عملية التحكيم وتحدد الجهة التي ستقوم بالتحكيم جدولا زمنيا، وهو ما يمكن أن يقترحه الطرفان .

وتحدث الاتصالات على مستوى هذه المحكمة عبر البريد الإلكتروني والمحادثات الإلكترونية ويمكنها أيضا تنظيم لقاء بين طرفي النزاع ومطالبتهما بتسليم وثائق إضافية تتعلق بصفتهما ومعاملاتهما التجارية المشتركة، وفي هذا الإطار

ثانيا - التجربة الفرنسية في ترسيخ القضاء الإلكتروني

عاني القضاء الفرنسي في مراحل سابقة من عدة انتقادات بسبب بطنه في معالجة القضايا موازاة مع ارتفاع عددها. لذلك سعت الحكومة الفرنسية من أجل تجاوز هذه الانتقادات ومن أجل تحقيق المردودية القضائية إلى تبني عملية تحديث جهاز القضاء، من خلال إنجاز عدة مشاريع وإبرام عدة اتفاقيات قصد مكننة الإجراءات القضائية.

ومن ضمن أهم المشاريع التي سهرت الحكومة الفرنسية على تطبيقها لتكريس نظم العدالة الإلكترونية، كما يلي:

ا - مشروع e-barreau

بعد مشروع e-barreau أول مشروع تم توقيعه بين وزير العدل ورئيس المجلس الوطني النقابة المحامين بفرنسا قصد تطوير التواصل الإلكتروني بين المحاكم العليا وهيئة المحامين الفرنسية، وذلك بتاريخ 2007/09/28.

ويمكن مشروع e-barreau فئة المحامين من متابعة قضايا موكليهم وانتقال المعلومة بشكل أسرع فيما بينهم. وذلك بغية تحسين إدارة الدعوى والحد من أوقات المعالجة وتحسين إدارة جلسات الاستماع أثناء المحاكمة، لذلك يعتمد هذا الاتفاق على آلية موحدة للتواصل من الشبكة الخاصة بالمحامين إلى النظام الداخلي للمحاكم .

ويوفر نظام e-barreau لفئة المحامين مجموعة من الخدمات كإمكانية تنبع ملفات موكلي المحامين التسجيل في الجلسات، مراجعة البريد الإلكتروني، وإمكانية إجراء بحوث حلو الملفات والدعاوى.

ويشترط للاستفادة من نظام e-barreau انخراط هيئة المحامين في الشبكة الافتراضية الخاصة بالمحامين 446 حتى يمكنهم الوصول إلى كافة الخدمات التي يوفرها هذا النظام والاستفادة منها .

وبمجرد أن يتم انخراط المحامي في هذا الموقع تتوقف المحاكم التي تعمل بهذا النظام عن التواصل بالمراسلات الورقية معه، حيث يتم استبدالها بالمراسلات الإلكترونية في جميع مراحل الدعوى .

وبناء عليه تم تهيئة كافة المحاكم العليا بنظام يسمح للمحامين بالتواصل مع كتابات الضبط بالمحاكم وتتبع الإجراءات عبر الأنترنيت والاطلاع على ملفات القضايا، سجلات جلسات الاستماع إرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني والنسخ الإلكترونية للمرافعات والإجراءات عبر طرق إلكترونية مؤمنة.

كما تم تزويدها (أي المحاكم العليا بالإضافة إلى محاكم الاستئناف بماسحات ضوئية متطورة وبأجهزة كمبيوتر قوية لتحويل الملفات الرقمية إلى الصيغة الرقمية .

ب - مشروع e-sagace

يهدف مشروع e-sagace بدوره إلى تحديث نظم العدالة الإلكترونية لفائدة المستخدمين والمواطنين، فهو يعد من أهم ركائز العدالة الإلكترونية في القضاء الإداري الفرنسي، يخول منذ فاتح سبتمبر 2004 لمختلف أطراف الدعوى متابعة تقدم قضاياهم المرفوعة أمام المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية عبر الأنترنيت ، وبمجرد أن يتوصل أحدهم برقم سري من قبل المحكمة، يمكنه الولوج إلى الموقع المخصص لهذه الخدمة.

بل وأكثر من ذلك يمكن مشروع e-sagace المتقاضين من متابعة حتى قضاياهم المعروضة أمام مجلس الدولة الفرنسي.

لقد عانى القضاء الإداري الفرنسي كثيرا من طول إجراءات مسطرة التقاضي، وذلك بسبب تطور المنازعات الإدارية وطول أجال النظر فيها سواء من طرف المحاكم الإدارية أو محاكم الاستئناف الإدارية. فإنه كان من الضروري على الدولة الفرنسية ممثلة في وزارة العدل والحريات الفرنسية تكريس جميع جهودها من أجل الوصول إلى عدالة إلكترونية فعالة.

وبناء عليه جاء المرسوم 222-2005 المؤرخ في تاريخ 10 مارس 2005، الذي يسمح بإلغاء أحكام قانون القضاء الإداري التي تتطلب الاستخدام الورقي لنقل الوثائق ومكننة تبادل الوثائق والمعلومات.

ومن هنا انطلقت تجربة télé recours كإحدى أبرز التحارب في هذا المجال بتاريخ يونيو 2005 من قبل مجلس الدولة بصفته محكمة النقض يتعاون مع الإدارة الضريبية وهيئة المحامين، وتجربة télé procedure بتاريخ 11 ماي 2007 بصفتها تجربة جديدة للاتصال والتواصل ونقل الطلبات والمذكرات وتبليغ القرارات إلكترونيا أمام المحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف الإدارية بباريس.

Versailles ولقد تم تمديد تجربة télé procedure بموجب قرار 24 ديسمبر 2008 إلى المحاكم الإدارية بكل من:

Paris - Melon - Pontoise - Cergy ومحاكم الاستئناف الإدارية بباريس وفيرساي.

وعلاوة على ما سبق تجدر الإشارة إلى أن التجربة الفرنسية كرست منذ نوفمبر 2008 موقع إلكترونيا آخر، يمكن من خلاله لكل شخص ضحية اعتداء مادي كسرقة أو تخريب ..... رفع شكاية إلكترونيا دلى دائرة الأمن، وذلك من خلال ملئ الاستمارة المتوفرة في الموقع www.pre-plainte-en-ligne-gov.fr

غير أن رفع الشكاية عبر هذا الموقع الإلكتروني المذكور أعلاه، لا تغني عن رفع الشكاية بشكل مباشر أمام الجهة الأمنية المختصة، أي أنه على صاحب الشكوى بعد رفع شكايته إلكترونيا التنقل إلى مقر الدائرة الأمنية من أجل تأكيد هذه الشكاية وتوقيعها.

مسألة أخرى في غاية الأهمية هو أن القضاء الفرنسي بدور قد فعل بدوره تقنية visioconférence للتبادل الإلكتروني وعقد الجلسات عن بعد عن طريق استخدام أحدث التقنيات للتوصل بموجب مرسوم صادر بتاريخ 20 غشت 1998 المتعلق بالتنظيم القضائي في الجزر الواقعة تحت السيادة الفرنسية والموجود بالمحيط الهندي مثل:

الموجودة بشمال كندا، وبحكم هذا البعد تم collectivités territoriale de Mayotte et de saint-pierre et Miquelon اعتماد هذه التقنية في هذه الجزر من أجل تسهيل عملية التواصل، وبناء عليه أصبحت جميع المحاكم العليا بفرنسا مجهزة بهذه التقنية الجديدة وكذا السجون الفرنسية، وقد تم تمديد مقتضيات هذا المرسوم بموجب قانون 9-453-2004 مارس

ولقد تم التنصيص على تقنية visio conférence بموجب المادة 706-71 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي ، التي تنص على إمكانية استخدام هذه التقنية في جميع مراحل المسطرة الجنائية، بدءا من إجراءات التحقيق إلى غاية إجراءات المحاكم بالإضافة إلى إجراءات التنفيذ.

كما أطلقت وزارة العدل الفرنسية في 7 أبريل 2011 نظام تقني آخر يسعى بنظام MobiDroits هو نظام يتم تحميله على الهواتف الذكية، يسمح للمواطنين وللمهنيين من الحصول على المعلومات التي تخص قضاياهم.

 يوفر لهم إمكانية الوصول إلى دليل المحاكم وتحديد موقعها الجغرافي الحصول على المعلومات القضائية من وزارة العدل والحصول على منشورات عملية حول المواضيع القانوني.

ثالثا - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في ترسيخ القضاء الإلكتروني

عرفت الولايات المتحدة الأمريكية منذ أزيد من ثلاثين سنة مركزا يدعى المركز الوطني المحاكم الدولة ، وهو مركز يعمل على خلق مهنة جديدة خاضعة للتطور الدائم والسريع.

الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني
الجهود المبذولة في مجال القضاء الالكتروني.

مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الخبرة المعلوماتية في تنفيذ المئات من الإجراءات والعمليات المعقدة التي تجري كل يوم في كل محكمة، والتي تتوخى خلق برامج معلوماتية ورعاية هذا المنتوج بالصيانة والتحيين والأمن.

ويهدف هذا المركز إلى الرفع من نجاعة أداء المحاكم بالولايات المتحدة الأمريكية بما يعزز ثقة الجمهور فيها، حث ينهض بدور أساسي في مجال الإصلاح القضائي باعتباره السلطة الأقوى في مضمار تدبير شؤون الإدارة القضائية.

ولقد اشتهر النظام القضائي بالولايات المتحدة بتطبيق نظام إدارة الدعوى إلكترونيا في جميع محاكمها، حيث يتم رفع الدعوى إلكترونيا عبر موقع إلكتروني خاص تملكه شركة خاصة يقع مركزها الرئيسي في مدينة سانتا بربرا بولاية كاليفورنيا.

وبذلك أصبح بإمكان جمهور المتقاضين الولوج للتسجيلات الإلكترونية للمحكمة على مدار الساعة، واستنزال وطبع الوثائق منها مباشرة، ولقد طبقت هذا النظام بالكامل تقريبا بجميع محاكمها .

وعليه تعتبر تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في مجال القضاء الإلكتروني ناجحة جدا تعرف إقبالا كبيرا وتطورا مذهلا، ويتضح ذلك جليا من خلال المشاريع التي سعت إلى تطبيقها والمتمثلة أساسا في:

  • مشروع "CM/ECF)"Case management/Electronic case file ".
  • مشروع "PACER) Acces to court Electronic Records Projects ".

بالنسبة لمشروع CM/ECF فهو عبارة عن نظام يتكون من وحدتين، وحدة الإدارة القضايا إلكترونيا CM ووحدة للإبداع الإلكتروني للملفات ECF، ويمكن هذا النظام من إرسال الوثائق والمستندات إلكترونيا وبمعنى آخر يمكن هذا النظام من التقاضي الإلكتروني 62.

أما بالنسبة لنظام PACER فهو يمكن جمهور المتقاضين من الولوج إلى التسجيلات الإلكترونية، والوصول إلى  الملفات الخاصة بهم.

وبالنسبة لاستعمال تقنية الاتصال videoconférence، فالقضية التي أثيرت بولاية ماريلاند في مواجهة كريغ (1990)، قررت فيها المحكمة العليا أن البند المتعلق بالمواجهة لا يمنع بشكل قطعي استعمال تقنية vidéoconférence الإدلاء الشهود بأقوالهم في مواجهة المتهم.

2 - تجارب بعض الدول العربية في مجال القضاء الإلكتروني

بدأت تظهر منذ العقد الأخير من القرن الماضي أولى بوادر استخدام التقنيات الحديثة في مجال القضاء في العديد من المحاكم العربية، وذلك من خلال إنشاء مراكز معلوماتية داخل وزارات العدل للعديد من الدول العربية 7 وهي مراكز تحمل مسميات مختلفة من مركز نظم المعلومات في الكويت.

إلى إدارة تقنية المعلومات في دبي، إلى مركز معلومات القضاء في اليمن ومصر، إلى قسم الإعلاميات والإحصائيات في المغرب إلى مديرية الإعلام الآلي وتكنولوجيا الإعلام والاتصال بالجزائر، إلى مركز المعلوماتية بلبنان، إلى إدارة أنظمة المعلومات بالأردن.

غير أن التجربة أبانت عن أن المراكز المعلوماتية المذكورة أعلاه في وضعها الإداري الحالي لن يكون بوسعها أداء الدور المنوط بها على الوجه الأمثل، نظرا لانصهارها وذوبانها ضمن مصالح إدارية أفقية أخرى، وبالتالي فقدانها لاستقلالية اتخاذ القرار بفعل تبعيتها المديريات ذات اختصاصات عدة.

لذلك يقتضي نجاح عملية المكننة بالمحاكم العربية، وجود وحدة إدارية خاصة مزودة بعنصر بشري متخصص يتلخص دوره في تنفيذ أعمال مكننة المحاكم وإعداد وتطوير البرامج والنظم وإجراءات العمل وقواعد المعلومات ومتابعة التحليل والتشغيل والصيانة والدعم الفني، ووضع الخطط المرحلية وتحديد جميع المتطلبات اللازمة وتدريب العاملين وتأهيلهم.

كما يجب خلق شبكات النقل المعلومات بين كافة المحاكم وبين باقي القطاعات الأخرى من أجل تحقيق حالة اتصال دائم للمتقاضين بالمحاكم أيا كانوا وفي أي وقت أرادوا مما يسهل عليهم إجراءاتهم ويوفر الوقت والجهد في حصولهم على المعلومات التي يرغبون فيها عوضا عن مراجعة المحاكم ويمكنهم من تأمين تبادل البيانات القضائية بسرعة وفعالية ومستوى أمن عال.

وفي الآونة الأخيرة أصبحت تتمظهر أولى بوادر تطبيق نظام القضاء الإلكتروني داخل محاكم الدول العربية، وفي استخدام التقنيات الحديثة من أجل تمكين المتقاضين من معرفة الإجراءات التي تمت في قضاياهم خلال مراحل التقاضي واطلاعهم على جدول الجلسات، وتتبع شكاياتهم من خلال الموقع الإلكتروني للمحكمة المعينة أو من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة العدل أو من خلال الموقع الإلكتروني للحكومة الإلكترونية.

غير أن تطبيق هذا النظام الإلكتروني في مجال القضاء يشهد اختلافا بين كل دولة عربية فيما يتعلق بتطبيق البنية الأساسية للمعلومات، ذلك ما يتضح من خلال آثاره محتوى المواقع الإلكترونية التي تهتم بالإدارة القضائية في هذه الدول العربية سنحاول فيما يلي التطرق إلى البعض منها:

أولا - تجربة المملكة العربية السعودية في ترسيخ العدالة الرقمية

عملت وزارة العدل السعودية على التفكير جديا في كيفية تخفيف عبء العمل الروتيني والإداري عن كاهل القضاة، فقامت ممثلة في الإدارة العامة للحاسب الآلي بتطوير أكثر من ثلاثين نظاما تطبيقيا، كما شرعت في تفعيل دور الخدمة الآلية عن بعد، حيث سعت الوزارة في مجال إجراءات العمل إلى تطوير وتوثيق الأنظمة بنشرها على موقع الوزارة وعلى أقراص مدمجة.

وفي هذا الإطار عملت وزارة العدل السعودية على إنجاز مجموعة من الأنظمة الإلكترونية تم تعديلها بعد تجربتها في عدد من القطاعات العدلية، وإصدارها على شكل أنظمة جديدة لخدمة القطاع العدلي، نقتصر على ذكر البعض منها

أ - أنظمة الاتصالات الإدارية

وهو نظام يقوم بمتابعة المعاملات الصادرة والواردة من وإلى المحاكم ويقوم بتسجيلها وذلك عبر الخطوات التالية"

  1. استلام المعاملات من المراجعين والجهات الأخرى
  2. تسجيل المعاملات كوارد ضمن صفحة مكونة من الخدمات التالية رقم المعاملة وهو رقم تسلسلي يبدأ من أول العام الهجري وينتهي بنهايته، رقم وارد المعاملة وتاريخها والجهة الواردة منها اسم صاحب الطلب أو الدعوى وموضوعه عدد مشفوعات المعاملة.
  3. تصدير المعاملات داخل المحكمة
  4. متابعة المعاملات داخل المحكم 402

ب - النظام الشامل للمحاكم

وهو ما يسمى بالمحكمة الإلكترونية يتم بموجبه التعامل آليا داخل الوزارة، ويتضمن العديد من وظائف التقاضي التي تغطي كافة الأعمال والإجراءات القضائية والإدارية بما يحقق الدقة في الإجراء والسرعة في الأداء.

  •  كقيد الدعوى المقدمة من المراجعين .
  • أو المعاملات الواردة من الدوائر الحكومية المختصة.

 وإدخال وتخزين نسخة كاملة منها في الحاسب الآلي بواسطة الماسح الضوئي، وتدقيق المعاملات المرسلة أو المقدمة من المراجعين والتأكد من اختصاص المحكمة النوعي والمكاني، ثم إحالة القضايا وتوزيعها على المكاتب القضائية بالتساوي حسب الأنصبة المقررة وتحديد مواعيد نظر القضايا، وإصدار أوراق التبليغ بالمواعيد ومتابعة أعمال محضري الخصوم.

وكذلك التأكد من قيامهم بالتبليغ قبل حلول المواعيد، ثم قيد القضايا بمكاتب القضاة، وضبط القضايا بأنواعها المختلفة (الجنائية والحقوقية والإنهائية)، وضع شاشات أمام المترافعين للاطلاع على ما يدون أثناء المرافعة، طابعة صكوك وقرارات القضايا من مكتب القاضي المسح الضوئي للضبوط والصكوك والاحتفاظ بصورها في السجلات الآلية.

 إضافة ما يطرأ على الصكوك من تهميشات من قبل القاضي أو محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، إجراء البحث النصي في الضبوط والسجلات الصادرة من النظام، سهولة البحث والاستعلام عن أي قضية متابعة سير المعاملات والقضايا، وإصدار التقارير الإحصائية المختلفة.

وعليه يتضح أن هذا النظام الشامل للمحاكم يمكن من تحويل جميع الأعمال اليدوية إلى أعمال آلية، حيث أصبحت توزع بشكل آلي على القضاة 485، وأصبح يتم ضبط جلسات القضايا وتحرير الصكوك آليا، مما أدى إلى اختصار وتسريع عمل المحاكم بشكل كبير.

كما مكن هذا النظام القضاء السعودي من دقة الأداء وسرعة الإنجاز والأداء عند الموظفين، وساعد في إنجاز العمل بطريقة ميسرة وسريعة، وسهل عملية البحث عن أي معاملة أو قضية أو أي وثيقة.

ثانيا - تجربة الإمارات العربية المتحدة

بعد الاستعمال المكثف لتكنولوجيا الإعلام والاتصال في العمل القضائي على مستوى الجهات القضائية الإماراتية إحدى ثمرات برامج إصلاح العدالة الشامل.

وفي هذا الإطار أطلقت في إطاره النيابة العامة بإمارة دبي نظاما إلكترونيا خاصا بالشكاوى الواردة للنيابة العامة والخاصة بإجراءات الشكوى من خلال موقع النيابة العامة على شبكة الأنترنيت، ويتم إشعار التقاضي.

بحيث يسمح هذا النظام الإلكتروني بتسجيل مقدم الشكوى بطريقة إلكترونية بمحتويات الشكوى المقدمة، والرقم المتسلسل الخاص بالشكوى تسهيلا واختصارا للوقت، بهدف تطوير وتحسين الإجراءات والخدمات المقدمة للمتعاملين، ويتم بعدها تحويل الشكوى بصورة آلية إلى قسم خدمة المتعاملين الذي يختص بتحويل الشكاوى إلى الجهات المختصة بطريقة إلكترونية.

ويستخدم هذا النظام عدة وسائل تقنية من أجل إعلام المدعي بأي إجراء بخصوص دعواه كالرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني والفاكس الإلكتروني حرصا من النيابة العامة على التواصل مع المتقاضين في أي وقت وفي أي مكان في أسرع وقت.

ويسمح كذلك النظام الإلكتروني الجديد المعمول به في محاكم دبي، بإصدار مجموعة من الاحصائيات والكشوف المتعلقة بالشكاوى المقدمة للنيابة العامة، متضمنا المدة الزمنية اللازمة للرد عليها كما يقوم بمتابعة جميع الشكاوى والقيام بتصنيفها لاتخاذ الاجراءات المناسبة حيالها بأسرع وقت ممكن.

وقد طبقت محاكم دبي منذ أكتوبر 2010 نظام إلكتروني جديد فيما يتعلق بتسجيل وتوثيق المعاملات المدنية 90 ، يشكل هذا النظام التصديق على العديد من العقود والإقرارات والوكالات، من بينها التصديق على عقد تعيين وكيل، وإقرار تنازل عن قضية، والتوكيل العام أو الخاص بالقضايا.

ويتم ذلك عن طريق تعبئة البيانات اللازمة بالنماذج التي يتم توفيرها إلكترونيا لينتهي بالموافقة عليها إلكترونيا، ثم بعد هذا يتم حجز موعد للحضور أمام كاتب العدل للتأكد من هوية الطالب وتسليمه معاملته جاهزة، علما أنه في السابق كان المتعامل ملزما بالحضور إلى فرع كاتب العدل منذ البداية لتقديم طلبه وللتأكد من اكتمال الأوراق المطلوبة منه ومدة صلاحيتها.

وعرفت أيضا محاكم دبي نظام معلوماتي الإدارة التنفيذ غير الزجري، بدأت العمل به منذ أبريل 2011، وهو نظام يتوخى منه :

  1. ضبط طلبات التنفيذ والتعديلات التي تطرأ عليها.
  2. معرفة الرصيد المالي المشترك الأطراف التنفيذ.
  3. تحديد أنصبة الأطراف فيه منفردين أو مجتمعين.
  4. التحقق من وضعية مؤشر التنفيذ وقيمة المطالبة المتبقية قبل السماج باعتماد المعاملة، وذلك من أجل تحسين الإجراءات المالية المرتبطة بمطالبات التنفيذ المدني مع الحد من الأخطاء التي يمكن أن تحصل بسببها.

وأحدثت أيضا محاكم دبي نظاما لدفع أتعاب الخبراء عبر موقعها الإلكتروني، يمكن بموجبه للطرف المستفيد من تعيين الخبير أداء أتعاب الخبرة المقررة عبر رابط يسمى رابط دفع الأمانات.

ولقد ذهبت الإمارات العربية المتحدة إلى أبعد من ذلك عندما أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية بالتنسيق مع وزارة العدل ضمن مشروع الربط الإلكتروني المشترك بين الوزارتين، عن إدخال آلية جديدة في المحاكمات تتمثل في "المحاكمات عن بعد" ، الذي يتيح للسجناء التحدت للقضاة دون الانتقال لمقر المحكمة عبر ما يعرف بتقنية الدائرة االتلفزيزنية المغلقة "الفيديو كونفرانس  vidéo-conférence3.

ثالثا - التجربة التونسية في ترسيخ العدالة الرقمية

سعت دولة تونس على غرار بقية البلدان المتوسطية إلى توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي منذ سنة 1995 من أجل دعم وعصرنة الجهاز القضائي بها والارتقاء به وبأساليب عمله والأخذ بأحدث مناهجه، حتى تتلاءم مع ما تفرضه مقتضيات التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي التي قام بها الاتحاد الأوروبي في بلدان أخرى بتمويل منه.

وفي هذا الإطار سعت وزارة العدل التونسية إلى إبرام اتفاق أول وثاني في اتجاه دعم وعصرنة جهاز العدالة، امتد الاتفاق الأول على ثلاث سنوات 2005-2008 والاتفاق الثاني من 2008 إلى 2011، وتم الاتفاق على مرحلة ثالثة انطلاقا من سنة 2012.

ويهدف هذا المشروع إلى تطوير مستوى الخدمات القضائية والاستفادة بما توفره تكنولوجيا الاتصال الحديثة من وسائل متطورة لإدخال النجاعة والسرعة المرجوتين، بشكل يحمي المصالح الشرعية للمتقاضين ويدعم ضمانات إيصال الحقوق إلى أصحابها.

وفي هذا الإطار تم تنظيم دورات تكوينية حول الكثير من المواضيع والمسائل القانونية والقضائية الفائدة القضاة والمحامين وموظفي التنفيذ والإشهاد كما تم توزيع مجموعة من الحواسيب المحمولة لفائدة القضاة من أجل تجاوز مشكل تلخيص الأحكام، كما استفادت الهيئة الوطنية للمحامين بمجموعة من المراجع القانونية، وشهدت بعض المحاكم تركيز نماذج جديدة من الشبابيك الموحدة لتقديم الخدمات الإدارية.

وقد تم في إطار الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي في دجنبر 2005، إحداث نظام معلوماتي قضائي مندمج وموحد يكفل التصرف الآلي في القضايا والملفات، بما في ذلك أرشيف المحاكم وتوفير المعلومة القانونية والقضائية المطلوبة، بأيسر السبل وأسرعها مع ضمان حقوق المتقاضين والحفاظ على سرية المعطيات الشخصية طبقا للقوانين المنظمة لها.

وفي نفس السياق شرعت وزارة العدل التونسية منذ سنوات في تشبيك المحاكم وتوفير أجهزة الحاسوب ووضع برمجيات المعلوماتية، ضمانا لسرعة تبادل المعلومات بينها، وعملت على إحداث مواقع "واب" تفاعلية لفائدة محكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف بتونس والمحكمة العقارية ومركز الدراسات القانونية والقضائية وتطوير موقع المعهد الأعلى للقضاء والمعهد الأعلى للمحاماة.

وذلك ضمانا للحصول على الخدمات القضائية والقانونية إلكترونيا والاطلاع على برامجها، وتم تجهيز شبابيك استقبال وتوجيه في بهو كل محكمة بمختلف درجاتها مزودة بحواسيب وبأعوان تلقوا تكوينا متخصصا ضمانا لتمكين المتقاضي من المعلومة والمطبوعات الإدارية القضائية المطلوب تعميرها للحصول على الخدمات من المحاكم وحسن قبوله وتوجيهه وإرشاده.

وأطلقت وزارة العدل التونسية سنة 2009 بوابة e-justice على شبكة الأنترنيت كالية عصرية تمكن المتقاضي أو المحامي أينما كان من الحصول على العديد من الخدمات القضائية كطلب الشهادات إلكترونيا عن طريق تعبئة طلب الشهادة المتوفر في بوابة العدل، وتأدية الرسوم المطلوبة إلكترونيا.

وفي الإطار نفسه سعت الوزارة إلى توفير التجهيزات والمعدات المعلوماتية في أغلب المحاكم، وعملت على ربط الحواسيب ببعضها على مستوى كل محكمة في إطار شبك معلوماتية استوعبت بقدر الإمكان الإجراءات المعمول بها قضائيا.

كما تم إصدار قانون ينظم التقاضي عن بعد ويتعلق الأمر بالمرسوم الرئاسي عدد 12 لسنة 2020 المؤرخ في 27 أبريل 2020 ، وجاء فيه أنه:

"يمكن للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها أو بطلب من النيابة العمومية أو المتهم، حضور المتهم المودع بالسجن بجلسات المحاكمة والتصريح بالحكم الصادر في شأنه، باستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمنة للتواصل بين قاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة والفضاء السجني المجهز للغرض، وذلك بعد عرض الأمر على النيابة العمومية لإبداء الرأي وشرط موافقة المتهم على ذلك".

ويجوز للمحكمة في حالة الخطر الملم أو لغاية التوقي من إحدى الأمراض السارية أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن.

ويكون القرار الصادر عن المحكمة باعتماد وسائل الاتصال السمعي البصري كتابيا ومعللا وغير قابل للطعن بأي وجه من الأوجه، ويعلم بد مدير السجن المعني والمتهم ومحاميه عند الاقتضاء بكل وسيلة تترك أثرا كتابيا في أجل لا يقل عن خمسة أيام قبل تاريخ الجلسة، وللمحامي في هذه الحالة الخيار بين الدفاع عن منوبه بقاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة أو بالفضاء السجني الحاضر به منوبة.

ويعتبر الفضاء السجني المخصص والمجهز لغرض التواصل السمعي البصري بين المحكمة والمتهم ومحاميه عند الاقتضاء، امتدادا لقاعة الجلسة وتنطبق به نفس القواعد المنظمة التسيير الجلسة وحفظ النظام بها وزجر كل إخلال به وفقا للتشريع الجاري به العمل.

تعليقات