📁 آخر الأخبار

الأحكام الخاصة بالتاجر | شروط اكتساب صفة التاجر

شروط اكتساب صفة التاجر في القانون المغربي وفق مدونة التجارة

لم يعرف المشرع المغربي في مدونة التجارة الجديدة التاجر، وإنما نصت فقط على الشروط الواجب توفرها لاكتساب صفة تاجر، وذلك من خلال تنصيصها على سبيل المثال على مجموعة من الأعمال تعتبر ممارستها بشكل اعتيادي أو احترافي سببا كافيا لاكتساب صفة التاجر.

شروط اكتساب صفة التاجر في القانون المغربي وفق مدونة التجارة
شروط اكتساب صفة التاجر في القانون المغربي.

وهو ما يستنتج من المادة 6 من مدونة التجارة الجديدة التي نصت في مطلعها على مايلي:

" مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلقة بالشهر في السجل التجاري تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية والاحترافية الأعمال التالية:".

من هذا المنطلق سنتناول في هذا الفصل من خلال فرع أول شروط اكتساب صفة التاجر والذي قد يكون شخص طبيعيا أو شخص معنوي والمال في الشركات على أن تخصص الفرع الثاني للآثار المترتبة على اكتساب صفة التاجر.

بالرجوع إلى نص المادة السادسة من مدونة التجارة يتضح أن المشرع المغربي اشترط لاعتبار الشخص تاجرا أن يمارس نشاطا تجاريا على وجه الاعتياد أو الاحتراف وأن تكون هذه الممارسة لحسابه الخاص وليس الحساب الغير باعتبار ذلك هو الذي يميز التاجر عن الأجير، كما يشترط في الأخير أن يكون هذا الشخص ممتع بالأهلية التجارية.

ممارسة التجارة على سبيل الاعتياد أو الاحتراف

تعتبر مزاولة الأنشطة التجارية المنصوص عليها في كل من المادتين 6 و 7 من مدونة التجارة بالإضافة إلى الأعمال المماثلة لها طبقا للمادة 8 شرطا أساسيا لاكتساب صفة تاجر، غير أن ذلك لا يعد كافيا وإنما استلزم المشرع المغربي ضرورة ممارسة هذه الأنشطة على سبيل الاعتياد أو الاحتراف، فما المقصود اذن بالاعتياد والاحتراف وماهو معيار التمييز بينهما ؟.

ما هو مدلول الإحتراف؟

الاحتراف يعني مزاولة الشخص للنشاط التجاري بمغة رئيسية ومستمرة ومتكررة ومنتظمة من أجل كسب عيشه وتحقيق الربح ، بحيث يكون ذلك النشاط مورده الوحيد أو على الأقل الأساسي.

ولعل المشرع المغربي بتنصيصه على العمل التجاري الممارس على وجه الاحتراف يكون راهن على العمل التجاري الحرفية المنظم.

ما هو مدلول الاعتياد؟

الاعتياد هو في درجة أدنى من الاحتراف ذلك أن هذا الأخير يتضمن حتما الاعتياد اد أن من يمارس نشاطا تجاريا على وجه الاحتراف يزاوله بالضرورة بصفة معتادة، في حين أن الاعتياد وان كان يقوم على تكرار العمل فإنه لا يصل إلى درجة الاستمرار والانتظام.

أي أن من يمارس نشاطا تجاريا على وجه الاعتياد لا يحترف هذا النشاط وإنما يخصص له بعض وقته بحيث يمارسه أكثر من مرة وذلك في أوقات وأزمنة متباعدة عن بعضها البعض، غير انه ينبغي التذكير إلى أن عنصر الاعتياد يتنافى مع كل ماهو عرضي ويستلزم التكرار.

فالقيام بعملية شراء البيع مرة واحدة لا يكفي لاكتساب صفة تاجر بالرغم من أن هذه العملية تعتبر بذاتها تجارية، هذا واذا كان المشرع المغربي في مدونة التجارة قد فرق بين ممارسة النشاط على وجه الاعتياد والاحتراف فإنه لم يحدد معيار التفرقة بينهما ليبقى الأمر موكولا لتقدير السلطة القضائية التي لها أن تحدد ما اذا كان التكرار قد بلغ درجة الاحتراف ام أن مزاولة النشاط ظل في نطاق الاعتياد.

 مع الإشارة إلى أن المادة 58 من مدونة التجارة تعتبر التقييد في السجل التجاري قرينة قانونية على اكتساب الشخص المقيد للصفة التجارية، وهي قرينة بسيطة وليست قاطعة اد يمكن نفيها بإثبات العكس كما لو كان الشخص المسجل قد توقف عن ممارسة الأنشطة التجارية أو لم يبدأ قط بممارستها.

مزاولة الشخص النشاط التجاري لحسابه الخاص

لا يكفي لاكتساب الشخص صفة التاجر أن يمارس الأعمال التجارية على وجه الاعتياد أو الاحتراف، وإنما يجب بالإضافة إلى ذلك أن يقوم بهذه الأعمال باسمه الخاص ولحسابه، أي أن يكون مستقلا عن غيره في مباشرة تلك الأعمال وأن يتحمل نتائجها سواء بما تعود عليه من أرباح أو خسائر.

 وهذا الشرط يعتبر ضروريا وجوهريا لاكتساب صفة التاجر طالما أن التجارة تقوم على الائتمان الذي هو عنصر شخصي يستوجب مسؤولية القائم بالعمل التجاري.

وتطبيقا لذلك فإن من يزاول العمل التجاري لحساب الغير لا يعتبر تاجرا كالعامل والمستخدم، لأنه لا يزاول هذا العمل باسمه ولحسابه الخاص بل الحساب رب العمل الذي تنصرف اثاره إليه من أرباح وخسائر وديون.

وعليه فإن رب العمل في هذه الحالة هو الذي يعتبر تاجرا في حين يكون العامل تابعا إليه يخضع في ممارسته للعمل لتوجيهه ورقابته.

واستثناء من ذلك فإن الوكيل بالعمولة يكتسب صفة تاجر بالرغم من كونه يمارس الأنشطة التجارية لحساب غيره وذلك تطبيقا للمادة 6 من مدونة التجارة التي اعتبرت الوكالة بالعمولة من الأنشطة التي يترتب عن ممارستها الإعتيادية أو الاحترافية اكتساب صفة تاجر.

أهلية مزاولة التجارة

يشترط لاكتساب صفة التاجر أن يكون الشخص ذا أهلية المزاولة الأنشطة التجارية، هذه الأخيرة التي تتطلب دراية بعالم الأعمال وقدرة على القيام بمجموعة من التصرفات القانونية تعتمد على الائتمان والثقة الأمر الذي يستدعي حماية مزاول النشاط التجاري وكذا المتعاملين معه حفاظا على المصلحة العامة.

وفي هذا الصدد نجد أن المشرع المغربي نظم الأهلية التجارية بقواعد قانونية خاصة نصت عليها مدونة التجارة في المواد -12 إلى 17 والتي تتعلق بالادن بالاتجار الممنوح للقاصر وكذا الوصي أو المقدم لاستثمار أموال القاصر إضافة إلى أهلية التاجر الأجنبي لمزاولة التجارة بالمغرب.

وكذا أهلية المرأة المتزوجة الممارسة التجارة، كما نظم المشرع في السياق ذاته الحالات التي تندرج ضمن موانع ممارسة التجارة وسقوط الأهلية التجارية وهو ما سنتناوله في المطلب التالي:

شروط الأهلية التجارية

إن الأهلية التجارية تخضع من جهة للقواعد العامة الظلمة للأهلية المنصوص عليها في مدونة الأسرة وقانون الالتزامات والعقود ومن جهة أخرى للأحكام الخاصة المنظمة للأهلية التجارية في مدونة التجارة، وفي هذا الإطار ينبغي التمييز بين الشخص كامل الأهلية وعديم الأهلية وناقصها.

أهلية الراشد في مزاولة التجارة

تنص المادة 12 من مدونة التجارة على أن أهلية مزاولة التجارة تخضع القواعد الأحوال الشخصية، وبذلك فإن من يبلغ 18 سنة من عمره يعتبر كمال الأهلية، طبقا لمدونة الأسرة ويكون بالتالي أهلا لمزاولة التجارة مالم يلحق عارض من عوارض الأهلية كالجنون والعته والسفه أو مانع من موانع ممارسة التجارة أو حالة من حالات سقوط الأهلية التجارية.

أهلية التاجر الأجنبي في مزاولة التجارة

بالرجوع إلى نص المادة 15 من مدونة التجارة الجديدة نجد أن هذه الأخيرة سوت فيما يتعلق بسن الرشد التجاري بين الأجنبي والوطني.

وهكذا فالأجنبي له الحق في مزاولة الأنشطة التجارية من يبلغ 18 سنة شمسية كاملة حتى لو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى من تلك التي ينص عليها القانون المغربي أي حتى لو كان غير بالغ سن الرشد طبقا لقانون بلده وهو ما يترجم رغبة المشرع المغربي في حماية المتعاملين مع الغير الأجنبي، حتى لا يتشبت بعدم بلوغه سن الرشد طبقا لقانون جنسيته مما قد يمس باستقرار المعاملات التجارية.

شروط اكتساب صفة التاجر في القانون المغربي وفق مدونة التجارة
شروط الأهلية التجارية.

وفي نفس السياق نجد أن مدونة التجارة الجديدة نصت في المادة 16 على أن الاجنبي غير البالغ سن الرشد طبقا للقانون المغربي لا يجوز له مباشرة التجارة إلا " بإذن من رئيس المحكمة التي ينوي ممارسة التجارة بدائرتها حتى ولو كان قانون جنسيته يقضي بأنه راشد، وبعد تقييد هذا الأذن في السجل التجاري ".

أهلية المرأة المتزوجة في مزاولة التجارة

عملت مدونة التجارة الجديدة على رفع القيد الذي كانت تفرضه المادة السادسة من المدونة القديمة على المرأة المتزوجة الراغبة في مزاولة التجارة والتي كانت تشترط بموجبه حصولها على ادن زوجها.

 وفي هذا الإطار نصت المادة 17 من المدونة الجديدة على ما يلي:

"يحق للمرأة المتزوجة أن تمارس التجارة دون أن يتوقف ذلك على ادن زوجها. كل اتفاق مخالف يعتبر لاغيا ".

وبذلك تكون مدونة التجارة منسجمة مع ما تنص عليه مدونة الأسرة والتي تخول للمرأة المتزوجة ذمة مالية مستقلة مما يعني حريتها في التصرف في مالها.

أهلية القاصر في مزاولة التجارة

القاعدة العامة هي انه لا يجوز للقاصر مميزا كان أو عديم التمييز مزاولة التجارة مالم يبلغ سن الرشد أو يتم ترشيده كما يجوز للوصي أوالمقدم أن يستثمر أموال القاصر في التجارة وذلك بعد الحصول على اذن خاص من القاضي.

مع وجوب تقييد هذا الإذن في السجل التجاري للوصي أو المقدم الفقرة الأولى والثانية من المادة 14 من مدونة التجارة) حتى يكون المتعاملون معه على علم بوضعيته وصفته باعتباره يتاجر في أموال غيره لا أمواله الخاصة.

أولا: حالة ترشيد القاصر

تطبيقا لمقتضيات المادة 213 من مدونة الأسرة التي أحالت عليها المادة 13 من مدونة التجارة فإن القاصر متى بلغ السادسة عشر من عمره جاز له أو النائيه الشرعي اذا انس منه الرشد أن يطلب ترشيده.

ويترتب عن ترشيد القاصر اكتمال أهليته بحيث يصبح قادرا على ممارسة الأنشطة التجارية شأنه شأن كامل الأهلية ويكتسب من تم صفة تاجر متى مارس الأنشطة التجارية على وجه الاعتياد والاحتراف، ويخضع تبعا لذلك لالتزمات التجار مع ضرورة تقييد أمر ترشيده في السجل التجاري طبقا للمادة 13 من مدونة التجارة.

ثانيا: حالة الاذن بالاتجار

يكون للصغير المميز طبقا لمقتضيات المادة 226 من مدونة الأسرة الحق في ممارسة أنشطة تجارية وذلك بأن يستلم جزءا من أمواله لإردتها بقصد الاختبار متى حصل على إذن بذلك من طرف الولي أو من يقوم مقامه أو بقرار من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني بالأمر.

غير أنه يجوز سحب الادن الممنوح للقاصر متى ثبت سوء تدبير من طرفه فيما أذن له فيه المادتين 226 و 227 من مدونة الأسرة).

هذا ويعتبر القاصر المادون له الاتجار في حكم كامل الأهلية فيما أذن له وفق ما نصت عليه المادة 226 من مدونة الأسرة.

غير أنه يتعين طبقا للمادة 13 من مدونة التجارة تقييد الإذن بالاتجار الممنوح للقاصر في السجل التجاري وبذلك تكون الأعمال التي يباشرها في حدود الإذن الممنوح له صحيحة بحيث لا يمكن لأي كان طلب إبطالها حتى لو تعلق الأمر به".

 كما يترتب عن ممارسته لهذه الأعمال على وجه الاعتياد أو الاحتراف اكتساب صفة التاجر ويخضع تبعا لذلك لالتزامات التجار.

عوارض الأهلية التجارية

قد تقع على الشخص المتوفر على الأهلية الكاملة لمزاولة التجارة سواء ببلوغه سن الرشد أو عن طريق ترشيده عوارض تجعله عديم الأهلية أو ناقصها وذلك إما للجنون والسفه والعته.

وهذه تخضع للأحكام المنصوص عليها في مدونة الأسرة والتي تسري على جميع الأعمال مدنية كانت أو تجارية غير أنه بالنظر إلى طبيعة الأنشطة التجارية لا قائمة على الائتمان وحفاظا على حقوق الغير المتعاملين مع التاجر الفاقد الأهليته التجارية أو نقصها.

فلأن المشرع استلزم من خلال المادة 43 من مدونة التجارة تقييد القرار الصادر بشأن التحجير عليه للسفه أو الجنون أو العته في السجل التجاري.

سقوط الأهلية التجارية

تناولت مدونة التجارة الجديدة مسألة سقوط الأهلية التجارية في القسم الخامس من كتابها الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة، حيث تم تخصيص الباب الثاني من المواد 711 إلى 720 لحالات سقوط الأهلية التجارية وأثارها وكيفية إعادة الأهلية.

وسقوط الأهلية التجارية يسري كعقوبة في حق كل شخص طبيعي تاجر أو حرفي ثبتت في حقه أفعالا إجرامية نصت عليها المادة 712 من مدونة التجارة وكذا في مواجهة كل مسئول في شركة تجارية أو مقاولة اقترف أحد الأفعال المنصوص عليها في المادتين 706 و 714 من المدونة.

هذا ويترتب عن الحكم بسقوط الأهلية التجارية زوال صفة تاجر عمن صدر ضده الحكم وعدم أهليته الممارسة التجارة إلا بعد مرور المدة المحددة في الحكم علما، أن هذه المدة لا يمكن طبقا للمادة 719 من مدونة التجارة أن تقل عن خمس سنوات.

وعلى الرغم من أن المحكمة يمكنها طبقا لنفس المادة أن تأمر بالنفاد المعجل للحكم القاضي بسقوط الأهلية التجارية فإن مفعول عدم الأهلية لا يسري في مواجهة المحكوم عليه إلا بعد إشعاره بذلك.

أما بالنسبة للغير فإن هذا الحكم لا يسري في مواجهتهم إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية وتقييد ملخص الحكم في السجل التجاري مع الإشارة إلا أن الحكم القاضي بسقوط الأهلية التجارية يترتب عليه طبقا للمادة 718 من مدونة التجارة الحرمان من ممارسة وظيفة عمومية انتخابية.

حالات المنع من الاتجار

يمنع القانون على بعض الأشخاص مزاولة الأعمال التجارية بسبب شغلهم للوظيفة العمومية والمهن الحرة كالمحامين والموثقين والأطباء وذلك تحقيقا للمصلحة العامة.

لأن من شأن مزاولة الموظف أو صاحب المهنة الحرة للنشاط التجاري التأثير سلبا على عمله الأصلي وتسخير هذا الأخير للأغراض تجارية على حساب المصلحة العامة بالنسبة للموظف والمتعاملين مع أصحاب المهن الحرة.

هؤلاء الذين يقدمون خدمات نبيلة تتنافى مع طبيعة النشاط التجاري القائم على تحقيق الربح ويترتب عن مخالفة حضر الاتجار فرض عقوبات زجرية وتأديبية، غير أن الأعمال التجارية تبقى صحيحة ويعد الممارس لها رغم وجوده في حالة تتنافي تاجرا فعليا طبقا لمقتضيات المادة 11 من مدونة التجارة.

إذن مما سبق يتضح لنا بأن اكتساب صفة التاجر في التشريع المغربي لا يتحقق إلا بتوافر شروط محددة منصوص عليها بمقتضى مدونة التجارة، وعلى رأسها ممارسة الأعمال التجارية بصفة اعتيادية.

وتتجسد أهمية هذه الصفة في كونها المدخل لتطبيق أحكام القانون التجاري وما يرتبه ذلك من التزامات وامتيازات، وفهم هذه الشروط يساعد كل من يفكر في دخول عالم الأعمال على معرفة وضعه القانوني وتجنب أي التباس أو مسؤولية غير متوقعة.

تعليقات