📁 آخر الأخبار

أنواع الأعمال التجارية | الأعمال المختلطة

ما هي الأعمال المختلطة وكيف تندرج ضمن الأعمال التجارية؟

تعتبر الأعمال التجارية المختلطة هي تلك الأعمال التي تكون مدنية بالنسبة لأحد الطرفين، وتجارية بالنسبة للطرف الآخر، وبالتالي فالعبرة فيها لا تكمن في وقوع العمل المختلط بين شخص تاجر و شخص غير تاجر، وإنما في الصفة التي يكتسيها العمل.

أنواع الأعمال التجارية: الاعمال التجارية المحتلطة
الأعمال التجارية المختلطة

ومن خلال فهمنا للأعمال المختلطة وأهميتها، يصبح من السهل علينا إدراك كيف تساهم هذه الأخيرة  في تنظيم العلاقات بين الأنشطة التجارية والمدنية معا، وتحديد القواعد المطبقة عليها سواء أمام المحاكم أو بين الأطراف المتعاقدة، مما يضمن وضوح وسلاسة المعاملات.

الأساس القانوني للأعمال المختلطة

إن ما يستفاد من مقتضى المادة 4 من مدونة التجارة والتي جاء فيها على أنه اذا كان العمل تجاريا بالنسبة لأحد المتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد الآخر، طبقت قواعد القانون في مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا.

ولا يمكن أن يوجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا مالم ينص مقتضي خاص على خلاف ذلك وتطبيقا لذلك فإن قيام شخص بشراء سيارة من أجل بيعها يجعل العمل بالنسبة إليه تجاريا، بينما يكون العمل مدنيا بالنسبة للشخص الذي باعه هذه السيارة سواء كان تاجرا ام غير تاجر.

طبيعة الأعمال المختلطة

تتميز الاعمال التجارية المختلطة بكونها تحمل طابعاً مزدوجاً؛ فهي تُعتبر مدنية بالنسبة لأحد الأطراف وتُعدّ تجارية للطرف الآخر. وليس المهم هنا هو صفة الأطراف المتعاقدة (تاجر أو غير تاجر)، بل الجوهر القانوني للعمل نفسه حسب موقع كل طرف.

وينبع هذا المبدأ بوضوح من المادة 4 من مدونة التجارة، التي تنص على أن القواعد التجارية تُطبق على الطرف الذي يصنف العمل بالنسبة إليه كتجاري، بينما لا يُمكن تحميل الطرف الآخر الذي يُعتبر العمل في حقه مدنياً أي تبعات تجارية، إلا إذا نصّ القانون صراحةً على خلاف ذلك.

أمثلة تطبيقية على الأعمال التجارية المختلطة

على سبيل المثال، إذا قام شخص بشراء سيارة بهدف إعادة بيعها، يصبح هذا الفعل بالنسبة له عملاً تجارياً بامتياز، في حين يظل بيع السيارة من قِبل الطرف الآخر، سواء كان تاجراً أو شخصاً عادياً، عملاً ذا طبيعة مدنية.

بل ينطبق نفس الحكم في الحالة التي تكون فيها المعاملة بين تاجرين إذ قد يكون العمل مختلطا، فمثلا في عقد بيع العقار المبرم بين تاجرين يكون العمل مختلطا اذا كان نشاط التاجر البائع هو شراء العقارات بنية بيعها في ما كان الغرض الذي من أجله تعاقد التاجر المشتري هو استعمال العقار لحاجته الشخصية.

ففي هذه الحالة، يكون العمل تجاريًا بالنسبة للتاجر البائع، ومدنيًا بالنسبة للمشتري غير التاجر، مما يمنحه صفة العمل المختلط.

ولابد من الإشارة إلى أن نظرية الأعمال المختلطة تطبق على نطاق واسع في الحياة العملية، حيث يكاد لا يخلو أي نشاط تجاري منها، فعلى سبيل المثال، عقد النقل يعد  تجاريًا بالنسبة للناقل، ومدنيًا بالنسبة للمسافر، ونفس الأمر ينطبق على علاقة المستهلك ببائع السلع أو البضائع، وكذا على العقود البنكية وعقود التأمين وغيرها.

النظام القانوني للأعمال المختلطة

بالرجوع إلى نص المادة 4 السالفة الذكر أعلاه  نجد أن الأعمال المختلطة تخضع لنظام قانوني مزدوج حيث:

  • تطبق قواعد القانون المدني على من كان العمل بالنسبة إليه مدنيا.
  • في حين تطبق قواعد القانون التجاري على الطرف الذي كان العمل تجاريا بالنسبة إليه.

وذلك مالم يوجد نص خاص يقضي بإعمال قاعدة واحدة على العمل المختلط اعتبارا لطبيعة هذا العمل التي تستوجب توحيد القاعدة الواجبة التطبيق.

ومن الأمثلة على ذلك ما نصت عليه المادة 5 من مدونة التجارة بقولها: تتقادم الالتزامات الناشئة عن عمل تجاري، سواء بين التجار أو بينهم وبين غير التجار، بمضي خمس سنوات، ما لم يرد نص خاص يقضي بخلاف ذلك.

ويترتب على خضوع الأعمال المختلطة لنظام قانوني مزدوج، أن النزاعات الناشئة عنها تخضع بدورها لقواعد مزدوجة، سواء من حيث قواعد الاختصاص، أو قواعد الإثبات، أو مبدأ التضامن بين المدينين.

قواعد الاختصاص القضائي في النزاعات الناشئة عن الأعمال المختلطة

فيما يخص تحديد الاختصاص القضائي للنزاعات الناشئة عن أعمال مختلطة، فإن القاعدة الأساسية تقتضي أن تُحدد المحكمة المختصة نوعياً بناءً على طبيعة العمل المختلط بالنسبة للطرف المدعى عليه.

  1. فإذا كان العمل مدنيا بالنسبة للمدعى عليه، فإنه يجب  رفع الدعوى ضده أمام المحاكم العادية، بمعنى أن التاجر لا يجوز له مقاضاة خصمه غير التاجر إلا أمام القضاء المدني.
  2. أما اذا كان العمل مختلط تجاريا بالنسبة للمدعى عليه فإن المستقر عليه فقها وقضاء هو إعطاء الخيار للمدعي بين رفع الدعوى أمام المحكمة العادية باعتبارها محكمته أو أمام المحاكم التجارية باعتبارها محكمة المدعى عليه.

كما أنه يجوز للتاجر وغيره الاتفاق على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية للنظر في أي نزاع ينشأ عن عمل من أعمال التاجر.

قواعد الإثبات في الأعمال المختلطة

فبخصوص مسألة الإثبات في الأعمال المختلطة فإنه تطبيقا للمادة الرابعة من مدونة التجارة فإن وسائل الإثبات المستعملة في العمل المختلط تختلف باختلاف طبيعة هذا العمل بالنسبة للمدعى عليه الذي يقام ضده الإثبات.

فإذا كان المدعى عليه تاجرا فإن  العمل بالنسبة إليه يعتبر تجاريا ومن ثم  فإنه:

  •  يجوز لمن يعتبر العمل بالنسبة إليه مدنيا فإنه يجوز أن يثبت العمل في مواجهة التاجر بكافة طرق الإثبات، بما فيها شهادة الشهود والقرائن طبقا لمبدأ الحرية الإثبات المعمول به بمقتضى القانون التجاري.
  • أما من يعتبر العمل تجارياً بالنسبة اليه، فيلتزم عند إثباته في مواجهة خصمه، الذي يعد العمل مدنياً بالنسبة له، باتباع طرق الإثبات المقررة في القانون المدني، والتي تقوم على تقييد وسائل الإثبات.

وتكمن الغاية من هذه القاعدة في حماية الطرف الذي يعد العمل مدنياً بالنسبة إليه، حتى لا يُلزم بالخضوع لقواعد الإثبات في القانون التجاري، التي تمنح مرونة أكبر لخصمه التاجر.

مبدأ التضامن في الالتزامات المختلطة

وفيما يتعلق بالتضامن، فإذا كان العمل تجاريًا بالنسبة للمدينين، فإن التضامن يُفترض بينهم قانونًا، مما يخول للطرف الذي يُعتبر العمل مدنيًا في مواجهته أن يطالب أيًّا منهم بأداء كامل الدين الناشئ عن ذلك العمل.

أما اذا كان العمل مدنيا بالنسبة للمدنين فإن التضامن لا يفترض فيها بينهم، ولا يجوز لمن يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه أن يطالبهم بالأداء إلا في حدود نصيب كل واحد منهم، ذلك أن التضامن طبقا لقواعد القانون المدني لا يفترض بين المدينين.

وأنه لا بد من إعماله من وجود اتفاق أو نص في القانون  (الفصل 164، من قانون الالتزامات  والعقود)، أما في الميدان التجاري فإن المشرع اعتبر التجار المدينين التزام تجاري متضامنين في ذلك الالتزام  حسب مقتضى المادة 335 من مدونة التجارة.

ومن هنا يظهر لنا  أن الأعمال التجارية المختلطة تحتل مكانة مهمة في النظام القانوني، نظرا لكونها تجمع بين  كل من الطابع المدني والتجاري في آن واحد، وبالتالي ففهم هذه الأنواع يساعد على تحديد الجهة القضائية المختصة وضمان حماية الحقوق بشكل أدق.

تعليقات