📁 آخر الأخبار

التمييز بين العقار والمنقول - أهميته القانونية وآثاره العملية

فائدة التمييز بين العقار والمنقول

إن مسألة التمييز بين كل من العقار والمنقول له أثر بالغ في تنظيم المعاملات القانونية وتحديد للقواعد التي تخضع لها الأموال، فكل من هذين الصنفين يخضع لنظام قانوني خاص له آثار على مسائل متعددة كما هو الشأن بالنسبة لطرق نقل الملكية، والاختصاص القضائي والشهر العقاري، وحتى في التنفيذ الجبري والضمانات العينية.

فائدة التمييز بين العقار والمنقول.

تكمن أهمية التمييز بين العقار والمنقول في كونه يسهم في تحقيق الأمن القانوني، ويسهل فهم الحقوق والواجبات التي تقع على عاتق الأطراف، كما أنه يعين المحامين والقضاة على تطبيق القواعد المناسبة بحسب طبيعة المال موضوع التصرف أو النزاع.

1- التباين في طرق نقل الملكية

إن نقل ملكية العقار يخضع لشكليات متعددة تتمثل على وجه الخصوص في كتابة العقد بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ، ويتم تحريره من قبل محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض.

الإضافة إلى وجوب تسجيل العقد في المحافظة العقارية إذا كان العقار محفضا، فقد تناول المشرع هذا الجانب من خلال عدة مقتضيات سنستعرضها فيما يلي:

  • أولا ما جاء بمقتضى الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود بحيث من خلاله يتضح على أنه إذا كان المبيع إما عقار أو حقوق عقارية أو أشياء أخرى، فيمكن رهنها رهنًا رسميًا، ويجب أن يتم بيعها عن طريق محرر مكتوب ثابت التاريخ، ولا يُعتد به في مواجهة الغير إلا بعد تسجيله وفقًا للإجراءات الشكلية التي ينص عليها القانون.
  • ثانيا ما جاء بمقتضى المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بحيث يتضح بمقتضاها أنه يجب أن يتم تحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو  نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، أو من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض بواسطة محرر ثابت التاريخ، وذلك تحت طائلة البطلان.

كما أنه يجب في العقد المحرر من قبل المحامي أن يتم توقيعه والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف، ومن الجهة التي قامت بتحريره.

كما تجدر الإشارة الى أنه تصحح إمضاءات الأطراف لدى السلطة المحلية المختصة، أما بخصوص إمضاء المحامي المحرر للعقد فيتم التعريف به من لدن السيد رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي مهامه بدائرتها.

  • أما المقتضى الثالث، فيتعلق بما نصّت عليه الفقرة من الفصل 65 من القانون رقم 14.07، كما تم تغييره وتتميمه بموجب ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، حيث يتبين من مضمون هذا النص أن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ لا يُعتدّ به في مواجهة الغير إلا إذا تم تقييده.

وعليه، فإن وجود هذا الحق العيني لا يُعتدّ به قانونًا إلا ابتداءً من تاريخ تقييده في الرسم العقاري من قبل المحافظ على الأملاك العقارية.

وخلافا لذلك فإن المبدأ في المنقول تنتقل فيه الملكية بمجرد التراضي سواء إزاء المتعاقدين أو في مواجهة الغير حسب ما هو منصوص عليه بمقتضى الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود.

غير أن هذا المبدأ يستثني المركبات الهوائية والسيارات والسفن، إذ لا تنتقل ملكيتها إلى الغير إلا بعد تسجيلها في سجلات خاصة معدة لهذا الغرض.

2- التباين في طريقة الرهن

من حيث الأصل، تخضع العقارات المحفظة لنظام رهن خاص يتمثل في الرهن الرسمي، الذي يُقيّد بالمحافظة العقارية، وبهذا الأسلوب يتم توثيق الرهن وضمان حقوق الدائنين.

وبالتالي يكون الرهن الرسمي، لا يُلزم المدين الراهن بالتخلي عن ملكيته لفائدة الدائن.

في المقابل، يتطلب رهن المنقولات والعقارات غير المحفظة نقل الحيازة إلى الدائن أو إيداعها لدى جهة محددة، وهو ما يحرم المدين من حق الاستعمال أو الاستغلال طيلة مدة الرهن، ولهذا يُوصف هذا النوع من الرهن بكونه رهنًا حيازيًا.

3- التباين من حيث أثر الحيازة

تعتبر الحيازة من حيث الأصل في المنقول أنها تشكل سندا للملكية، لأن من يبسط يده على منقول ما بحسن نية، وذلك بالارتكاز على سبب صحيح، فإنه في الحالة هاته يفترض فيه أنه هو المالك له.

حيث جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 456 من قانون الالتزامات والعقود: يفترض في الحائز بحسن نية شينا منقولا أو مجموعة من المنقولات أنه قد كسب هذا الشيء بطريق قانوني وبكيفية صحيحة، وبالتالي فعلى كل من يدعي غير ذلك أن يقيم الدليل عليه.

وعلى خلاف ذلك، فإن الحيازة المستوفية لشروطها تُمكِّن من كسب ملكية العقارات غير المحفظة بانقضاء مدة طويلة تتراوح بين عشر سنوات وأربعين سنة، وذلك بحسب الحالات المنصوص عليها في مادتين من مدونة الحقوق العينية.

  1. تنص المادة 250 على أنه إذا حاز شخص غير شريك عقارًا بحيازة مستوفية للشروط القانونية، واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع لمدة عشر سنوات كاملة، مع علم الشريك وحضوره وسكوته دون ممانعة أو عذر، فإن هذا الحائز يكتسب ملكية العقار، وعلمه وسكوته دون وجود أي مانع مشروع، فإن الحائز يكتسب ملكية العقار بموجب هذه الحيازة.
  2. مقتضى المادة 251 التي تنص على أن مدة الحيازة هي 40 سنة بين أقارب غير الشركاء الذين ليس بينهم عداوة، وفي حالة عداوة فيما بينهم فمدة الحيازة محددة في 10 سنوات.

إلا أنه فيما يخص العقارات المحفظة فإن لا تفيد مهما طال عليها الزمن، وبهذا الشأن فقد جاء ضمن مقتضى الفصل 63 من القانون رقم 07.14 على أن التقادم لا يكسب الحق العيني على العقار المُحفظ في مواجهة المالك المقيد، هذا و بالإضافة الى أن التقادم كذلك لا يسقط أي حق من الحقوق العينية التي تم تقييدها بالرسم العقاري.

4- التباين في إدارة أموال القاصر

يتسهل المشرع مبدئيا بخصوص تصرف الوصي أو المقدم بخصوص تصرف الوصي أو المقدم في الأموال المنقولة العائدة للقاصر ولو تعلق الأمر بالبيع في حدود 2000 درهم تطبيقا للفصل 201 من قانون المسطرة المدنية.

وبخلاف ذلك يخضع بيع عقارات القاصر من طرف وصي أو مقدم لمسطرة آمرة ومشددة وذلك  تطبيقا لما جاء بمقتضى الفصول من 207 الى 210 من قانون المسطرة المدنية، حيث يلزم أن يتم البيع عن طريق المزاد العلني وفق شكليات محددة يشرف القاضي على احترامها.

5- التباين في طريقة الحجز

إن قواعد حجز المنقولات  تختلف عن قواعد حجز العقارات، بحيث حدد المشرع المغربي لكل منهما مقتضيات خاصة.

ويخضع حجز المنقولات للقواعد الواردة ضمن الفصول من 460 الى 468 من قانون المسطرة المدنية، في حين أن حجز العقارات يخضع لمقتضى الفصول من 469 الى 487 من نفس القانون السالف ذكره.

6- التباين في نزع الملكية

 إذا كانت العقارات تخضع لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وفق مسطرة محددة، فإن المنقولات لا يسري عليها هذا إلا في حالات معينة (المآثر التاريخية القديمة)، أي لما يعثر شخص ما على النقود أو على أشياء ذات قيمة تاريخية مثلا كمؤلف قديم.

7- التباين من حيث الاختصاص

يرجع الاختصاص في الدعاوى المتعلقة بالعقارات إلى محكمة موقع العقار موضوع النزاع، في حين تكون الدعاوى المتعلقة بالمنقولات مبدئيا من اختصاص محكمة موطن المدعى عليه.

8- التباين في التملك من قبل الأجانب

إن المشرع المغربي لم يفرض في مسألة تملك الأجانب للمنقولات والعقارات التي تدخل في الدوائر الحضرية أي قيد، في حين أنه منع بالمقابل على الأجانب تملك الأراضي الواقعة ضمن الدوائر القروية إلا في حالة الإدلاء بترخيص خاص.

9- التباين من حيث تجارية المنقولات والعقارات

مبدئيا لا تعتبر أعمال تجارية إلا الأعمال الخاصة بالمنقولات، أما الأعمال المتعلقة بالعقارات فإنها لا تعد أعمال تجارية، بل أعمال مدنية.

غير أن هذا المفهوم أصبح يتغير حيث لم تعد الأعمال التجارية مقتصرة على المنقولات بل تعدتها لتشمل أيضا الأعمال المتعلقة بالعقارات ومن ذلك مثلا كتجزئة العقارات من أجل بيعها أو بناء مثلا عمارة في شكل شقق وذلك بهدف كرائها أو بيعها.

تعليقات