📁 آخر الأخبار

مصادر القاعدة القانونية

المصادر الرسمية للقاعدة القانونية

هناك أصناف لمصادر القانون منها ما يتخذ بعدا تاريخيا (مصادر تاريخية) ومنها ما يتجسد في المعطيات المادية والاجتماعية للمجتمع (مصادر مادية)، ومنها كذلك ما يتخذ طابعا رسميا أو شكليا.

مصادر القاعدة القانونية
مصادر القاعدة القانونية.

والمصادر التاريخية هي عبارة عن أنماط من الفكر القانوني التي تكرست عبر مراحل زمنية في سياق تكون وتطور مؤسسة القانون، أو بعبارة أخرى هي المنابع التاريخية التي استقى منها القانون موضوعه، أما المصادر الرسمية أو الشكلية ، فهي الشكل الذي تخرج فيه القاعدة القانونية الى حيز الوجود لتصبح ملزمة للناس وعامة ومجردة،

في حين أن هناك نوعا من مصادر القانون تسمى بالمصادر التفسيرية، ويقصد بها تلك المصادر التي تساعد على إضفاء مزيد من الوضوح على القاعدة القانونية وذلك عن طريق تفسير جوانب التعقيد والغموض فيها والمتمثلة في كل من الاجتهاد القضائي والفقه.

وبغض النظر عن هذا التعدد بخصوص مصادر القانون فغننا سنتطرق الى المصادر التي تشكل المنبع المباشر بالنسبة للقاعدة القانونية، والمتمثلة في التشريع، ثم بعد ذلك الفقه الإسلامي والعرف.

التشريع كمصدر للقاعدة القانونية

فالتشريع من حيث مدلوله الواسع ليس تشريعا واحدا، وإنما يتعلق الأمر بأنواع من التشريع وهو يخضع لشكل معين من الرقابة القانونية.

1- أنواع التشريع

تتمثل أنواع التشريع أساسا في الدستور والقانون التنظيمي والتشريع العادي ثم التشريع الفرعي.

الدستور

ويجسد الدستور أسمى قانون في البلاد، وهو يتضمن المقتضيات والاحكام المحددة للمبادئ العامة والأساسية التي تحكم مؤسسات الدولة وسلطاتها،
والدستور المطبق عندنا في المغرب حاليا هو الدستور المراجع بموجب استفتاء فاتح يوليوز 2011، والمتمثل في الظهير الشريف رقم 1.11.91 الصادر في 29 يوليوز 2011. 

الدستور يتم وضعه إما من طرف سلطة تأسيسية، أو عن طريق الاستفتاء، والاستفتاء هو الأسلوب المعتمد عندنا في المغرب، ولذلك فإن الدستور الأخير المراجع تم الاستفتاء بشأنه بتاريخ فاتح يوليوز 2011.

القانون التنظيمي

هو عبارة عن قانون صادر عن البرلمان وفق نفس المسطرة تقريبا التي يصدر بها التشريع العادي، إلا أنه يتميز عنه من حيث التدرج في الأهمية، حيث أن القانون التنظيمي يأتي في الدرجة الثانية بعد الدستور من حيث التراتبية والتدرج في الأهمية والالزامية، فيتقدم بذلك على التشريع العادي بهذا الخصوص.
ويتم اللجوء الى القوانين التنظيمية لتكون بمثابة قوانين مفصلة لمبادئ متضمنة في الدستور ومكملة له، باعتبار أن الدستور لا يمكنه أن يتناول بالتفصيل المجالات التي ينظمها.

وكذلك نجد أن المشرع الدستوري في كثير من مواد الدستور، يحيل على قوانين تنظيمية بشأن عدة مقتضيات ونذكر هنا على سبيل المثال الفقرة الثالثة والأخيرة من الفصل الخامس، والفقرة الأخيرة من الفصل 7، والفقرة الأخيرة من الفصل 15، والفقرة الأخيرة من الفصل 29، والفقرة 2 من الفصل 63 والفقرة الأخيرة من الفصل 67.. الى غير ذلك.

التشريع العادي (القانون بمفهومه الضيق)

التشريع العادي أو القانون بمفهومه الضيق، هو القانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية، المتمثلة عندنا بالمغرب في البرلمان، وقد نصت الفقرة الأولى من الفصل 70 من الدستور الحالي المراجع، على أنه: "يمارس البرلمان السلطة التشريعية". 

 وقد نصت الفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور على أنه: "يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه."

وقد حددت بواسطة فصول الدستور المجالات التي ينظمها القانون، حيث نجد الفصل 71 يحدد أهم تلك المجالات، كما توضح فصول أخرى المجالات المتبقية، ومسألة تحديد نطاق التشريع بخصوص البرلمان، لا يتناقض مع طبيعته بوصفه مؤسسة تشريعية، كما لا ينقص من فعالية دوره التشريعي.

طالما أن الحالات التي ظلت خارجة عن سلطته التشريعية، لا تشكل إلا حالات استثنائية, وحسب الفصل 72 من الدستور، فإن المجالات التي تخرج عن مطاق اختصاص السلطة التشريعية، تظل ضمن صلاحيات السلطة التنظيمية أو السلطة التنفيذية.

التشريع الفرعي (النص التنظيمي)

يتموقع التشريع الفرعي أو النص التنظيمي، في أدنى سلم درجات التشريع، حيث يأتي من حيث الأولوية والأهمية، بعد كل من الدستور والقانون التنظيمي والتشريع العادي.

ويتميز التشريع الفرعي أو النصوص التنظيمية بكونه بصدر من السلطة التنفيذية التي تتجسد في الحكومة بكونها ممارسة للسلطة التنظيمية، وهذا هو المعيار الأساسي الذي يسعف في التمييز بين القانون الذي يختص البرلمان بوضعه، والنصوص التنظيمية التي تختص السلطة التنفيذية بوضعها.

والنصوص التنظيمية تميز هي الأخرى شأنها شأن التشريع العادي، بالعمومية والتجريد والالزامية، باعتبارها تجسد إرادة الإدارة في تنظيم حياة الناس في شتى مرافق الدولة.

وهناك ثلاثة أنواع من التشريع الفرعي:

التشريع التنفيذيالتشريع التنظيميالتشريع الضبطي
هو الذي تقوم السلطة التنفيذية بوضعه لتنفيذ التشريع العادي الصادر عن السلطة التشريعيةهو ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريع لتنظيم المصالح والمرافق العامة، وتنسيق سير العمل في الإدارات الحكومية والوزارات.هو الذي تقوم السلطة التنفيذية بإصداره لحفظ الأمن والسكينة والصحة العامة، كالتشريعات الخاصة بالمرور والتشريعات الخاصة بالمراقبة الأمنية وتنظيم الباعة المتجولين ومراقبة الأسعار

والتشريع الفرعي أو النص التنظيمي إذن يعتبر من بين الأدوات القانونية التي المكملة للتشريع الأساسي باعتباره جزءا من النظام القانوني.

2- الرقابة على صحة القانون

هناك تدرج على مستوى أنواع التشريع، حسب الأولوية والأسبقية في التطبيق حيث نجد الدستور أو القوانين التنظيمية ثم التشريع العادي، ثم التشريع الفرعي (النصوص التنظيمية)، وهذا التدرج يستلزم أن يخضع النص الأدنى للنص الأعلى درجة منه. 

ولذلك يتعين هنا التمييز بين مخالفة التشريع العادي للدستور، وهذا ما يفرض اعتماد مراقبة دستورية القانون، ومراقبة مدى مخالفة التشريع الفرعي أو النص التنظيمي للتشريع العادي، وهذا ما يستلزم اعتماد مراقبة شرعية النصوص التنظيمية.

مراقبة دستورية القوانين

إذا ما أصدرت السلطة التشريعية قانونا مخالفا لحكم من أحكام الدستور، فإن هذا القانون يكون موضوع مراقبة دستورية من طرف جهة مخول لها صلاحية ممارسة هذه المهمة ، ومراقبة دستورية القوانين في نطاق القانون المغربي، تمارسها المحكمة الدستورية.

 1) اختصاصات المحكمة الدستورية

انطلاقا من أحكام الدستور المغربي، نجد أن مهام المحكمة الدستورية تتحدد تفصيليا كما يلي:

  1. مراقبة مدى دستورية القوانين التنظيمية
  2. مراقبة مدى دستورية نص قانوني مندرج في إطار التشريع العادي، وذلك بعد كل دفع متعلق بعدم دستورية ذلك النص. 
  3. مراقبة مدى دستورية الاتفاقيات الدولية، وذلك بعد إحالتها على المحكمة من طرف الجهات المختصة، قبل المصادقة عليها أو إصدار أمر بتنفيذها. 
  4. كما تبث المحكمة الدستورية في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، وذلك داخل أجل سنة، ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها.
  5. كما تلث هذه المحكمة، في مدى صحة عمليات الاستفتاء ومدى تطابقها مع أحكام الدستور.
  6. وتبث المحكمة الدستورية إضافة الى ما ذكر، في مدى توافق مقتضيات الأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، مع أحكام الدستور.

وتجدر الإشارة الى أن أي قانون تنظيمي أو تشريع عادي أو اتفاقية دولية أو نظام داخلي لأحد مجلسي البرلمان، صرح من طرف المحكمة الدستورية بعدم دستوريته، يصبح غير قابل لإصدار أمر بتنفيذه، كما يصبح غير قابل للتطبيق، ويحكم بنسخه، وذلك ابتداء من التاريخ يحدد في قرار المحكمة.

👈🏼 شرح مبسط لمصادر القاعدة القانونية ⬇

كما أن قرارات هذه المحكمة تعتبر نهائية، حيث لا تقبل أي شكل من أشكال الطعن، كما أنها تعتبر ملزمة لجميع الجهات الإدارية والقضائية، وكذا السلطات العامة.

2) تشكيل المحكمة الدستورية

تكون المحكمة الدستورية من إثني عشر عضوا، نصفهم يعين من طرف الملك، وثلاثة من النصف المتبقي يعين من طرف مجلس النواب، فيما يخص ثلاثة أعضاء الاخرين من قبل مجلس المستشارين.

ويعين هؤلاء الأعضاء لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد على أن يتم تجديد ثلث كل فئة من المحكمة بعد مرور ثلاث سنوات، ويراعى في تغين أعضاء المحكمة الدستورية، شرط الكفاءة والتكوين المعمق في المجال القانوني، مع ممارسة مهنية لمدة تزيد عن خمس عشرة سنة، إضافة الى شرط التحلي بالتجرد والنزاهة.

3) مراقبة شرعية النصوص التنظيمية
إذا جاءت القوانين المنضوية في التشريع الفرعي متناقضة مع أحكام التشريع العادي، فإنها تصبح موضوع مراقبة من لدن الجهات القضائية المختصة، والجهة القضائية التي تملك هذه الصلاحية، هي المحاكم الإدارية، فحسب المادة 8 من القانون القاضي بإحداث المحاكم الإدارية، تختص هذه المحاكم بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة.

وحسب الفصل 20 من نفس القانون، فإن كل قرار يكون صادرا من جهة غير مختصة أو لعيب في شكله، أو لانحراف في السلطة، ولانعدام التعليل أو لمخالفة القانون يشكل تجاوزا في استعمال السلطة، يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة.

ولابد من الإشارة الى أنه لا يمكن الكلام عن مراقبة دستورية النصوص التنظيمية (التشريع الفرعي)، لأنه وفقا لقاعدة تدرج القوانين فالتشريع الفرعي يجب ألا يأتي مخالفا للتشريع العادي، ولذلك فقبل أن نبحث عن مدى مطابقة النص التنظيمي مع الدستور، يجب أن نبحث عن مدى توافقه مع أحكام التشريع العادي.

فإذا كان متوافقا مع أحكام التشريع العادي ومخالفا لأحكام الدستور، فذلك يعني أن التشريع العادي مخالف للدستور، ولذلك فإن المراقبة الدستورية في هذه الحالة يجب أن تنصب على التشريع العادي وليس النص التنظيمي. 

كان هذا في ما يتعلق بالمصدر الأول من مصادر القانون، والمصدر الثاني هو الفقه الاسلامي

الفقه الإسلامي كمصدر للقاعدة القانونية

يعد الفقه الإسلامي كذلك أحد مصادر القانون في إطار القانون المغربي، ويتعلق الأمر على الخصوص بالقواعد الإسلامية المدرجة في إطار الراجح والمشهور وما جرى به العمل من مذهب الامام مالك.

وقبل الحماية كان مجال الفقه الإسلامي يطبق على نطاق واسع الى جانب العرف، لكن نطاق تطبيقه أصبح يتقلص منذ بداية عهد الحماية، وما رافقها من توسع مجال التشريع. 

ومع ذلك بقي هذا الفقه يحتل مكانة متميزة، حيث ظل مطيقا على قضايا العقار غير المحفّظ الى حين صدور القانون رقم 39.08 بمثابة مدونة الحقوق العينية، كما استمر اعتماده كمرجع يتم اللجوء اليه، في حالة تعذر ايجاد القاعدة القانونية التشريعية الواجبة التطبيق قي بعض مواد القانون، كما هو الشأن بالنسبة لقضايا الأسرة.

وحتى في إطار القضايا العقارية، لازال للفقه الإسلامي موقعا من حيث التطبيق، مادام أن مدونة الحقوق العينية السابقة للذكر، تنص من خلال مادتها الثانية، على وجوب إعمال أحكامه في حالة عدم العثور على القاعدة الواجبة التطبيق ضمن المدونة.

العرف كمصدر للقاعدة القانونية

العرف كمصدر من مصادر القانون، يعرف بأنه:

" قاعدة قانونية درج الناس على اتباعها في معاملاتهم زمنا طويلا، حتى تكون لهم الشعور بإلزامها وبضرورة احترامها خشية الجزاء الذي يتعرضون له من مخالفتها".

والقاعدة القانونية العرفية تتضمن عنصرين:
  • عنصر مادي: وهو تعود الناس على سلوك معين لفترة زمنية محددة، وطويلة نسبيا.
  • عنصر معنوي: ويتمثل في وعي الناس بالطابع الالزامي للقاعدة العرفية.

وهناك ثمة فرق بين العرف والعادة، فإذا كانت القاعدة القانونية العرفية هي اعتياد الناس على ممارستها لمدة زمنية حتى صارت ملزمة لهم، فإن العادة هي مجرد سلوك اعتاد الناس على سلوكه دون أن يصبح ملزما لهم، وبالتالي فإن عنصر الالزام يضل هو الضابط المميز في القواعد القانونية العرفية والعادة.

وقد أصبح دور العرف يتراجع شيئا فشيئا أمام تضخم دور التشريع على مستوى انتاج القاعدة القانونية. 

ويرجع ذلك بالدرجة الأولى الى السلبيات التي ينطوي عليها العرف، والتي تجعله لا يساير بالشكل المطلوب التطور النوعي للعلاقات القانونية، وتتمثل أهم عيوب العرف في غياب الثقة والوضوح، والبطء في النشأة والزوال، وعدم مسايرة التطور السريع للظروف الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع.

تعليقات