📁 آخر الأخبار

حق المتقاضي في الولوج الى العدالة

الولوج الى العدالة كحق مكفول للمتقاضين

تعتبر مسألة تقنين وتدوين حقوق الانسان العالمية في إطار وثيقة أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرتها، تحت ما يسمى "بالإعلان العالمي لحقوق الانسان"،الحقوق المدنية والسياسية في صلب العهد الدولي، خطوة مهمة وإيجابية تسجل للمجموعة الدولية في مجال حقوق الانسان،

حق المتقاضي في الولوج الى العدالة
حق المتقاضي في الولوج الى العدالة

مثلما أصبحت تسجل اليوم أيضا للدستور المغربي، الذي أولى عنايته لها من خلال التنصيص عليها بدءا من التصدير، كما أفرد الباب الثاني للحريات والحقوق الأساسية، وإحداثه لهذه الغاية المجلس الوطني لحقوق الانسان.

ولعل ما يعنينا من هذه الحقوق على وجه التحديد هو حق الولوج للعدالة، ذلك وأن ديموقراطية القضاء، تقتضي إتاحة إمكانية الولوج إليها بالنسبة لجميع الأشخاص، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين، أم كانوا مواطنين أم أجانب، بحيث لا يحول بينهم وبين عرض نزاعهم آية عوائق.

حق المواطن في الولوج الى العدالة

برجوعنا الى مقتضى الفصل 118 من الدستور فإننا نستنتج من صيغته العامة والمطلقة، أنه يفتح الباب في مجال التقاضي لكل شخص طبيعيا كان أم معنويا، مواطنا أم أجنبيا.

كما أن المجلس الدستوري قد كرس هذا الحق كذلك في أحد قراراته ذاهبا الى أنه:

لئن كان يحق للمشرع لاسيما من أجل حماية أمن وحريات المواطنات والمواطنين...أن يسن في المجال القضائي قواعد وإجراءات خاصة استثنائية من الإجراءات العامة... .

فإن المشرع المقيد دائما بضرورة احترام المبادئ الرامية الى صيانة الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع، ومن ضمنها حق التقاضي المضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون، وحق الدفاع المنصوص عليهما على التوالي في الفصلين 118 و120 من الدستور.

1- حق الولوج للعدالة بالنسبة للشخص الطبيعي

فمن بين الحقوق التي كرستها الإعلانات والمواثيق الدولية، هو حق الشخص في اللجوء للمحاكم الوطنية المختصة لكي تنصفه من أي فعل يعد اعتداء أو انتهاكا للحقوق المقررة له بمقتضى القانون.

كما أنه يسوغ له عند توفر الشروط اللازمة والتقيد بالقواعد المحددة قانونا، أن يرفع الدعوى ويمارس الطعون والدفوع التي يتعين على المحكمة أن تنظر فيها وأن تصدر الأحكام بشأنها.

كما أن المشرع بمقتضى نص الفصل 2 من قانون المسطرة المدنية، اعتبر القاضي منكرا للعدالة في حالة رفضه البت في المقالات أو أهمل إصدار الأحكام في القضايا الجاهزة بعد حلول دور تعيينها في الجلسة، وجعله عرضة للعقوبة المقررة لجنحة إنكار العدالة.

بحيث أنه يمكن أن يتابع ويحكم عليه بغرامة من 250 الى 500 2 درهم على الأكثر، وبالحرمان من تولي الوظائف العمومية من سنة الى 10 سنوات، بالإضافة الى التدابير التي يتخذها المجلس الأعلى للسلطة القضائية في إطار المجلس التأديبي.

☜ وخلاصة القول فإن الحق الولوج للعدالة أو ما يسمى بحق التقاضي هو حق عام معترف به من قبل المواثيق الدولية لكل شخص، اما ممارسة الدعوى فإنها تظل رهينة بتوفر شروط في المتقاضي، وفي الحق المدعى به، بالإضافة الى ضرورة احترام آجال رفعها.

2- حق الولوج للعدالة بالمسبة للشخص المعنوي

حق التقاضي فكما هو مخول للشخص الطبيعي فإنه معترف به أيضا للشخص المعنوي كذلك وفق شروط سيتم التطرق اليها فيما يلي

1) طريقة تمثيل الشخص المعنوي أمام القضاء

لقد تطرق المشرع ضمن الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية الى طريقة تمثيل الشخص المعنوي أمام القضاء وسيتم التطرق الى ذلك بشكل مبسط في الجدول التالي:

الشخص المعنويممثله
1- الدولةفي شخص رئيس الحكومة، وله أن يكلف وزيرا مختصا يمثله عند الاقتضاء.
 2-الخزينة العامةممثله في شخص الخازن العام.
3- الجماعات المحليةفي شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات.
4- المؤسسات العموميةممثلة في شخص ممثلها القانوني.
5- المديرية العامة للضرائبفي شخص المدير العام للضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصه.
6- مديرية أملاك الدولة
يمثلها مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة.

كان هذا فيما يخص ممثلي الأشخاص المعنوية أمام القضاء، وهناك هيئة أخرى مكلفة بتمثيل الدول والدفاع عنها فيما يخص التصريح بمديونيتها وفق ما سيتم بيانه في التالي.

2) إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى

في حالة ما إذا كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة، في قضية لا علاقة لها بالضرائب والاملاك المخزنية، فإنه يتعين في هذه الحالة إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى وذلك تحت طائلة عدم قبولها.

وتجدر الإشارة الى ان المشرع المغربي اقتبس مؤسسة "الوكالة القضائية " من خلال النموذج الفرنسي، منذ سنة 1928، فأدخل عليها عدة تعديلات آخرها كان بموجب ظهير 02 مارس لسنة 1953.

والوكالة القضائية للمملكة تعد جهازا إداريا، تابعا للوزير المكلف بالمالية، تناط به بالأساس مهمة الدفاع عن الدولة في دعاوى التصريح بمديونيتها التي ليست لها علاقة لا بالضرائب ولا بالأملاك المخزنية.

وقد تم إعادة النظر بشكل جذري في الإطار القانوني والمؤسسي للوكالة القضائية للمملكة، بحيث تم توسيع اختصاصها بتحويلها الى هيئة مستقلة، تسمى هيئة قضايا الدولة.

بحيث تتولى وجوبا تمثيل الدولة بجميع إداراتها العمومية وجماعاتها الترابية ومؤسساتها العمومية، مهما كانت تسميتها وطبيعة نشاطها في جميع المنازعات التي تكون طرفا فيها إما بصفتها مدعية أو مدعى عليها. سواء أمام المحاكم الوطنية أو أمام المحاكم الأجنبية، وأمام هيئات التحكيم الوطنية والأجنبية.

3) تبليغ النيابة العامة بقضايا بعض الأشخاص المعنوية

يتوجب على النيابة العامة أن تقوم بتبليغ:
  1. القضايا المتعلقة بالنظام العام.
  2. القضايا المتعلقة بالدولة.
  3. القضايا المتعلقة بالجماعات المحلية. والمؤسسات العمومية.. .

ذلك قبل الجلسة ب 3 أيام على الأقل بواسطة كتابة الضبط، وأمام المحكمة الابتدائية، في الجلسة المدرجة فيها القضية الى أقرب جلسة من أجل تقديم مستنتجاتها سواء الكتابية أو الشفوية، وعلى المحكمة تأخيرها، وان تشير في الحكم الى ايداع مستنتجاتها أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان الحكم باطلا.

4) جواز استغناء الدولة والإدارات العمومية عن نيابة المحامي

حسب ما يتضح من خلال مضمون المادة 31 من القانون رقم 28.08 المتعلق بالقانون المنظم لمهنة المحاماة، أن نيابة المحامي تكون اختيارية كلما تعلق الامر بتمثيل الدولة والإدارات العمومية أمام القضاء.

وبالتالي فإن المشرع لم يفرض على الدولة الاستعانة بالمحامي في الدعاوى التي تكون فيها مدعية أو مدعى عليها، وإنما جعل الأمر اختياريا بالنسبة اليها.

حق الأجنبي في الولوج الى العدالة

إن مسألة الولوج للعدالة أو حق التقاضي فهو ليس حكرا فقط على المواطنين، وإنما مخول أيضا للأجانب، على عكس الفكرة التي كانت سائدة الى غاية أوائل القرن التاسع عشر لمجموعة من الدول، والتي تتمثل أن قضاء الدولة وجد لإقامة العدل بين المواطنين فقط.

وبالتالي فإن متطلبات العصر الحديث استلزمت الاعتراف للأجنبي بهذا الحق، وهو الامر الذي جعل تلك الدول تتخلى عن نهجها هذا بشكل تدريجي وذلك تماشيا مع مقتضيات القانون والعرف الدوليين.

على اعتبار أن حق التقاضي أو حق الولوج للعدالة يعد جزء لا يتجزأ من الحد الأدنى للحقوق التي يكفلها القانون الدولي للأجانب.

وسنتطرق بهذا الشأن الى حق الأجنبي في الولوج الى العدالة في النظام القانوني المغربي من ناحية، والى حقه في بعض النظم القانونية المقارنة من ناحية ثانية.

1- في النظام القانوني المغربي

فيما يخص التشريع المغربي، فقد وضع لبنة لمبدأ المساواة أمام القضاء مع قانون التوحيد والمغربة والتعريب الصادر في ال 26 يناير 1965، والذي كان من بين أهدافه التصدي لظاهرة تمييز الأجانب عن المواطنين في مجال العدالة.

بالإضافة الى أن إصلاح سنة 1974 كان فرصة قام المشرع باغتنامها من أجل وضع حد لمثل هذا التمييز.

وبالتالي يمكن القول بأنه لا يشترط في الأجنبي عند ولوجه الى العدالة، شروطا غير تلك الني تطلبها المشرع بالنسبة للمتقاضي المغربي، بل الأكثر من هذا نجد أن دستور سنة 2011 منصوصا ضمن الفقرة الأولى من الفصل 118 على هذا المقتضى بشكل صريح.

2- في بعض النظم القانونية المقارنة

فإذا كانت بعض النظم القانونية في عصرنا الحديث قد استقرت على الاعتراف للأجنبي بالتقاضي أمام القضاء الوطني، باعتباره حقا يتطلبه كيانه الإنساني. 

فإن البعض منها كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي مثلا:

أخذ منذ سنوات بما يعرف بـ"كفالة الملائة القضائية"، وهي عبارة عن قيد تفرضه الدولة على الأجنبي عند لجوئه الى القضاء الوطني، حيث يتعين عليه بموجبه تقديم نوع من الضمان حتى يتسنى للمحاكم الفرنسية تحصيل المصروفات القضائية إذا ما خسر دعوى.

هذا الأخير ظل العمل به الى غاية سنة 1972، بحيث تدخل المشرع الفرنسي آنذاك عن طريق إلغاء المادة 16 من القانون المدني وكل من المادتين 166 و167 من قانون المسطرة المدنية التي كانت تنظم كفالة الملاءة القضائية.

ومن جهة أخرى، فإن العرف الدولي جرى على إعفاء بعض الأشخاص من سلطة القضاء الوطني، ومن ذلك:

  • الممثلين الدبلوماسيين

بحيث تم تمتيعهم بنوع من الحصانة القضائية في المجال الإداري والمدني، وذلك من أجل ضمان أدائهم لوظائفهم في الدول المعتمدين لديها.

وبالتالي فلا يلزم المبعوث الدبلوماسي بأداء الشهادة، بل ولا يجوز اتخاذ أي إجراء تنفيذي ضده فيما عدى بعض الحالات، شريطة ان يكون التنفيذ ممكنا دون المساس بحرمة ذات المبعوث أو مسكنه، إلا أن هذا لا يعني إفلاته بشكل مطلق من العدالة، لأن هذه الحصانة لا تعفيه من المثول أمام قضاء الدولة التي ينتمي اليها.

تعليقات