مجهودات المغرب والدول المقارنة في نشر الثقافة الرقمية
✍ سنتعرف من خلال هذا المقال على تجربة المملكة المغربية ومختلف الدول المقارنة في نشر هذه الثقافة الالكترونية وذلك على اعتبار أن الوعي بهذه الثقافة الافتراضية من شأنه أن يفك عقدة التحول من حقبة المطلعة الى حقبة الرقمي.
![]() | ||
| مجهودات المغرب والدول المقارنة في نشر الثقافة الرقمية |
مجهودات المملكة المغربية في التوعية بأهمية الثقافة الرقمية
من بين الأهداف التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات "المغرب الرقمي"، توسيع الانترنيت بين الافراد وجعلهم شريك أساسي في إدماج المغرب في اقتصاد المعرفة العالمي.
وبطبيعة الحال فهذا الادماج لن يتحقق إلا من خلال ثقافة رقمية تمكن أولا المواطن من الاستيعاب الفكري لهذا المفهوم، وثانيا وعيه بمزايا هذا النوع من المعاملات في تحقيق التنمية.
الاستيعاب الفكري لمفهوم المعاملات الالكترونية
إن فعالية ونجاح تطبيق خيار المعاملات الالكترونية، رهين بوضع خطط تنموية في التدريب والتكوين، هذه الخطط التي تقوم على نمط وأسلوب تعامل وتفاعل بين المواطنين ومختلف أنواع المؤسسات العمومية وتوجهاتها بشكل الكتروني.
وبالتالي فإنه من الضروري إعداد مناهج عمل متكاملة والقيام بحملات توعية وذلك بهدف تهيئة المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني، حتى تكون قادرة على التعامل الإيجابي مع مختلف الأساليب والوسائط التقنية الحديثة.
ويكون ذلك عن طريق إشعار جمهور المتعاملين الحاليين والمتوقعين بأهمية القضايا المطروحة من خلال إعلامهم بالإجراءات المتخذة على الشبكة، وتجزئة المشكلات والأمور المعقدة الى مكونات يسيرة وسهلة الفهم، وكذا اتباع الأسلوب الاستباقي من خلال تشجيع المستخدمين على الاهتمام بمختلف جوانب الاستخدام للتقنية المعلوماتية. ويكون ذلك وفق ما يلي:
- عقد ندوات ومحاضرات لجميع أفراد المجتمع؛
- إعداد المواطن وتهيئته قبل تطوير التقنيات؛
- إطلاق برامج إعلامية من أجل تثقيف المجتمع؛
- إدراج التقنيات الالكترونية كأحد المواد المقررة في المنهج التعليمي والتربوي؛
- خلق ثقافة إيجابية لدى كل من المواطنين والقطاعات بمفهوم المعاملات الالكترونية؛
- كذلك ضمان فرص متساوية من أجل وصول جل المواطنين الى الخدمات الإدارية الالكتروني.
ويمكن القول أن الثقافة المعلوماتية وقدرة الفرد على الوصول الى مصدر المعلومة والوقت المناسب والحكم على قيمتها وصحتها وتوثيقها وتأمينها لهي من المهارات الواجبة للتعايش الإيجابي الفعال مع مجتمعات المعرفة لأجل تحقيق المنفعة من معطياتها واستثمار تحدياتها.
توعية المواطنين بمزايا المعاملات الالكترونية في تحقيق التنمية
إن موضوع التنمية في مختلف جوانبها أصبح يحتل حماية مهمة لدى العديد من الدارسين والمختصين كل منهم انطلاقا من الحقل الذي ينتمي اليه، ويظهر أن السبب وراء العناية بمواضيع التنمية هو إيمان الجميع بمدى انعكاساتها على مختلف المجالات ذات الارتباط الوثيق بمصالحهم وانتظاراتهم.
وانطلاقا من المزايا والفوائد التي أضحت تقدمها تكنولوجيا المعلومات، فإن الحديث هنا اليوم لم يعد حول سبل تحقيق التحول الرقمي، وإنما الامر متعلق حول مسألة استيعاب التكنولوجيا الحديثة.
وبالتالي فإنه لابد من وضع خطط استراتيجية لأجل تهيئة وتكوين مواطن رقمي قادرٍ على المشاركة في أنشطة المجتمع من خلال استخدامه لتكنولوجيا المعلومات كالهواتف الخلوية والكمبيوترات، وممارسة التجارة الالكترونية من خلال عملية البيع أو الشراء عبر الشبكة.
ومن ثم فإن نجاح المغرب في تبني استعمال الوسائط الالكترونية لتقديم الخدمات العمومية فهو رهين بتهيئة موظف عمومي الكتروني، له خصوصيات تميزه عن الموظف في الإدارة التقليدية، فمثلا تطبيق مشروع الإدارة الالكترونية وما ينطوي عليه من استخدام للتقنيات الحديثة غالبا ما يطرح تحديات ذات صلة بأولائك الموظفين الذين يتعاملون بواسطة هذه الوسائط لأول مرة وبمدى قدرتهم بالالتزام بقواعد السر المهني.
ومن هذه الناحية فإن الأمر بحاجة الى تعزيز القدرات البشرية المؤهلة والمدربة على التكيف مع التطورات الدولية في مجال النظم المعلوماتية، وتوفير أجهزة الكترونية ذات تقنية عالية ووسائل متطورة حتى تحقق الإدارة الالكترونية أعلى مستويات النجاح.
التجارب المقارنة في مجال الثقافة الرقمية
لقد تسابقت الدول في تذييل الصعوبات، من خلال تقديم الدعم والمساندة لتطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، بعد إيمانها بالأهمية المتميزة لهذا القطاع في دفع عجلة التقدم في هذا المجال.
على الرغم من أهمية تقديم المساندة والدعم في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات إلا أن فائدته تكون محدودة عند عدم قدرة افراد المجتمع على الاستفادة منه بسبب غياب الثقافة الرقمية لدى شرائح واسعة من المجتمع.
نماذج من التجارب الأسيوية في مجال الثقافة الرقمية
① تجربة الهند
نجحت الهند في جعل قطاع المعلومات قائما بذاته، بكونها أصبحت قوة حقيقية في تصنيع البرمجيات وتصديرها الى بلدان العالم، وهو أمر تحقق في 10 سنوات فقط بحيث نجحت خلال سنة 2002 في حصد عوائد برمجيات بقيمة 6.5 مليار دولار، ليرتفع بعدها هذا المبلغ الى 50 مليار دولار سنة 2008.
ولعل سبب ريادة الهند في قطاع المعلومات راجع الى خلقها لمجموعة من المؤسسات التي أخذت على عاتقها النهوض بكل ما هو رقمي، ومن بين هذه المؤسسات:
- إنشاء مركز للإدارة الالكترونية لتطوير تقنية المعلومات والإدارة الالكترونية مهمته نشر الثقافة الرقمية ومساعدة حكومات الولايات الهندية على تنفيذ السياسات والإصلاحات الالكترونية.
كما أن الهند قامت بعقد شراكة مع شركة مايكروسوفت العالمية بهدف حوسبة كل المصالح والإدارات.
② تجربة ماليزيا
③ تجربة سنغافورة
ومن أجل جذب المزيد من المستثمرين لهذه الصناعة، تقدم حكومة "سنغفورة " حوافز مالية ومساعدات للمؤسسات الوثيقة الصلة بالتعلم الالكتروني.
التجارب العربية في مجال الثقافة الالكترونية
لقد أصبحت الثقافة الرقمية محل بحث وتدقيق نظرا لما عرفته تكنولوجيا المعلومات من تقدم مستمر ومساحة لا يستهان بها في عالمنا الأدبي والحياتي والعملي حاليا، خصوصا بالنسبة لمستخدمي التكنولوجيا الحديثة، والعالم الالكتروني الذي لا ينفصل عن عالما المعاش، بل إنه أصبح نواة لكل الاعمال والاستخدامات في شتى أنواع الحياة الثقافية والمعرفية.
والثقافة الالكترونية تقتضي الاعتماد الكلي على المعرفة بالعمل الالكتروني وأدواته المتعددة والتي توغلت بداخلنا وداخل كل ما هو مرتبط ومتعلق بنا الان، وأصبحت من ركائز العمل اليومي الذي نعيشه.
① تجربة الامارات العربية المتحدة
كما أعلن "فراس الجابي" المدير العام لشركة إتقان" (وهي أحد أكبر الشركات المحلية في حلول المعلومات)، أن الامارات تعد من بين أكثر الدول إنفاقا واستثمارا في البنية التحتية التكنولوجية، خاصة منها ما يتعلق بزيادة الوعي بالخدمات الالكترونية التي تؤسس لبيئة أعمالٍ ناجحة لتشكل بذلك نقطة لجذب الاستثمارات في مجال التقنية.
والكثير من الدراسات المنشورة مؤخرا توضح الأداء الإيجابي لدولة الامارات على الصعيد الدولي وذلك عبر مختلف مؤشرات البنية المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، كما احتلت المركز الأول خليجيا على مستوى مؤشر جاهزية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.
فحسب تقرير للأمم المتحدة، ضمن تصنيف هيئة الأمم المتحدة لبرامج الحكومة الالكترونية احتلت فيه دولة الامارات العربية المتحدة مرتبة متميزة بين دول العالم.
② تجربة المملكة العربية السعودية
لقد أطلقت "المملكة العربية السعودية" في سبيل نشر الثقافة الالكترونية مبادرة نوعية تعتبر الأكبر من نوعها على مستوى العالم، باسم "العطاء الرقمي" لأجل نشر المعرفة الرقمية بين المجتمعات العربية حول العالم، وذلك في ظل التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده، وكذا تزايد الحاجة الملحة للتقنية التي أصبحت نقطة الارتكاز في المعاملات اليومية.
ومبادرة "العطاء الرقمي" تكتسب أهمية خاصة بالنظر لدورها غي تحفيز ذوي المهارات الرقمية على المبادرة في نشر المعرفة لجميع أفراد المجتمع وإبراز القدرات والنماذج التقنية المميزة.
وكذا استفادة المجتمع من الوسائل التقنية لتسهيل الحياة وتحسين كفاءة الأداء وزيادة الإنتاجية، هذا بالإضافة الى نشر ثقافة العطاء في مجال التقنية، وتعزيز التعاون الهادف والبناء في خدمة المجتمع ككل، وبناء قاعدة معلومات وبيانات خاصة بالتقنية البرمجية.
من تجارب مملكة البحرين فيما يخص "الثقافة الرقمية" مساهمة هيئة الحكومة الالكترونية بالمملكة في تعزيز الثقافة الالكترونية ونشرها بعدة سبل من بين أهمها إقامة مؤتمرات وندوات ودورات تدريبية لمواطنيها بحيث طرحت دورة "مايكروسوفت للمبادرات والإمكانات اللامحدودة" مجانا لفائدة للمواطنين.
والهدف من هذا النظام هو تلبية توقعات العملاء وتحقيق أعلى مستويات الرضا حول الخدمات الحكومية، مما يعزز بذلك الشفافية للأجهزة الحكومية وزيادة ثقة المواطنين بأدائها، ومن خلال تدشين البوابة الجديدة فإنه يتوقع زيادة عدد المواطنين المقبلين على إنجاز معاملاتهم الالكترونية، مما يوفر التكاليف الوقت والجهد.
☚ وخلاصة القول فإن التطورات المذهلة التي يشهدها مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات جعلت الدول النامية أمام تحديات مجتمعية للنهوض بالاقتصاد وضمان مستقبل أمن لمواطنيها.
