أحكام وقرارات قضائية في ما يخص قرينة البراءة
ماهية قرينة البراءة
إن المحاكمة العادلة تقتضي معاملة المتهم على أساس أنه بريء جل مراحل الدعوى الى أن تثبت إدانته قانونا وذلك بمقر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، فمبدأ قرينة البراءة إذن هو مبدأ قانوني تم تكريسه في المواثيق الدولية على المستويين العالمي والإقليمي، نظرا لأهميته القانونية والحقوقية ولكونه مبدآ متأصلا في الكرامة الإنسانية.
‘ن البراءة من حيث الأصل ألا يجازى الفرد عن فعل استند إليه ما لم يصدر ضده حكم بالعقوبة من جهة ذات ولاية قانونية.
مفهوم قرينة البراءة
لم يعرف المشرع المغربي قرينة البراءة، لكن الفقه نص على أن "مقتضى قرينة البراءة هو أن كل شخص متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها، يجب معاملته بوصفه شخصا بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات".
ومن ثم يتوجب فرض هاجس توفير ظروف المحاكمة العادلة وفق النمط المتعارف عليه عالميا، واحترام حقوق الافراد وصون حرياتهم، وأن كل شخص مشتبه فيه أو متابع تفترض براءته مادامت إدانته غير مقررة بمقتضى حكم نهائي، وكل مساس ببرائته المفترضة مجرم ومعاقب عليه بمقتضى القانون.
ولعل هذا مادفع المشرع أن يجعل مبدأ قرينة البراءة أول ما يستهل به في قانون المسطرة الجنائية بحيث تم تكريس هذا المبدأ في الكتاب التمهيدي في الباب الأول بمقتضى المادة 1 من قانون المسطرة المدنية ما يلي:
"كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا الى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية".
وعلى هذا الأساس فإن مؤدى قرينة البراءة أن تتم معاملة المتهم في جميع مراحل الإجراءات ومهما كانت جسامة الجريمة التي نسبت إليه، أنه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي ووفق ضمانات قررها القانون.
أحكام وقرارات متعلقة بقرينة البراءة
قضاء محكمة النقض
إن الأصل في الإنسان البراءة إلى أن يثبت العكس طبقا للمادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية وأن الشك يفسر لمصلحة المتهم، وأن الأحكام القضائية تبنى على اليقين وليس على مجرد الظن والتخمين، والمحكمة لما قضت بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانة المطلوب من أجل حيازة وترويج ونقل وصنع وتحويل المخدرات وخرق الأحكام المتعلقة بحركة حيازة المخدرات داخل الدائرة الجمركية، اعتمادا على إنكاره التام وخلو الملف من آية وسيلة إثبات قانونية تفيد اقترافه للأفعال المشكلة للعناصر التكوينية للجنح المذكورة، إضافة الى قناعتها الجازمة بعدم تورطه من خلال ما راج ونوقش أمامها، تكون قد راعت جميع ما عرض عليها بما فيه الكفاية في إطار السلطة المخولة لها، وجاء قرارها تعليلا كافيا.
هذا القرار صدر عن محكمة النقض بتاريخ: 15/04/29، عدد 778 في الملف الجنحي، عدد: 2275/6/7/15، والمنشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 80 ص 445 وما يليها.
محكمة الاستئناف
يستحضر القاضي الجنائي عند دراسته لاي قضية جنائية أن الأصل في الإنسان هو البراءة ويحرص على تكوين قناعته اليقينية بشكل ينتفي معها أي شك مهما كان ضئيلا، وذلك من صميم ضميره الحر والوثائق والوقائع المكونة للقضية، ويتعين عليه أن يصدر حكما بالبراءة كلما يخامره شك ينقص من يقينه واعتقاده الصميم.
وهو قرار صادر عن قسم الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بتاريخ 14/10/15 عدد 8 في الملف عدد 05/2626/14، والمنشور بالمجلة المغربية في الفقه والقضاء عدد 1 ص 269 وما يليها.
قضاء المحاكم الابتدائية
إن الأصل هو البراءة الى حين إثبات العكس وأن عبئ إثبات عناصر الدعوى العمومية يرجع الى الطرف المثير للدعوى - نعم.
حكم صادر عن ابتدائية ابن مسيك بتاريخ 01/04/19، في الملف عدد 5403/00 منشور بدراسات قضائية الجزء الثاني ص 161 وما بليها.
كلما اعتور الشك أو الريبة تكوين قناعة المحكمة، فإن من واجبها أن تفسره لفائدة المتهم، تطبيقا للمادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، وكنتيجة حتمية للمبدأ الدستوري القاضي بأن "الأصل في المتهم البراءة"، والمنصوص عليه في الفصل 119 من الدستور.
وهذا الحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بتاريخ 02/02/15، في الملف الجنحي عدد 5945/2101/13، المنشور بمجلة العلوم القانونية والقضائية عدد 2 الصفحة 308 وما يليها.
